د.أحمد جاد مدير المنتدى
عدد المساهمات : 151 تاريخ التسجيل : 25/06/2008 العمر : 63
| موضوع: الأزهر في عيده الألفي للدكتور / حسن جاد حسن الإثنين فبراير 09, 2009 12:34 am | |
| الأزهر في عيده الألفي
للدكتور حسن جاد حسن رحمه الله رحمةً واسعةً *
* * أرأيتَ كيف طوى القرونَ الأزهرُ؟ وأدال عمرَ الدهـرِ وهْـوَ معمِّـرُ مرَت عليه الألف لـم توهِـنْ لـه عزما ولا أوهـتْ قـواهُ الأعصُـرُ وأشابَ ناصيةَ الزمـان ولـم يـزلْ وإهابـه غـضّ الشبـاب منضَّـرُ الله نـاطَ بـه الكتـابَ وهديَـه حفظًـا فـلا يبلـى ولا يتغـيَّـرُ وحبَـا كنانتَـه بــه فأحلَّـهـا شرفًا تطولُ به السمـاكَ وتظهـرُ هَـرَمٌ مـن الأهـرامِ إلاَّ أَنَّــهُ حَرَمٌ يلوذُ بـه الحجيـجُ ومشعـرُ أبدًا تُشَـدُّ لـه الرحـالُ حثيثـةً ويُـؤَمُّ بعـد المسجديـن ويؤثَـرُ لا تغتـرر يومًـا بصـرحٍ شـادهُ وهْمٌ على عقـلِ البنـاةِ مسيطـرُ ليس الذي يبني الحجارة مثلَ مـن يبنـي العقـول النيـرات ويعمُـرُ ما شادَ بانٍ فـي الكنانـةِ مثلمـا شـادَ المعـزّ الفاطمـيُّ وجوهـرُ يا معهـدًا عـمّ المشـارقَ نـورُه فمشـى علـى أضوائـه المتحيّـرُ واستنهض الدنيا فرجّـع شرقُهـا عنه وجـاوب غربُهـا المتحضِّـرُ ووعى علومَ الدين والدنيـا معًـا متوثِّـبَ الخطـواتِ لا يتعـثَّـرُ وحمى الشريعة وهو حصنُ كتابِهـا وبـه يفيـض نميرهـا المتفـجّـرُ وتعهّد الفصحـى فكـان لسانَهـا وعليـه ألويـة البلاغـة تنـشـرُ كمْ أطلعـتْ آفاقـه مـن أنجـمٍ زهرٍ وكم تنسـاب منـه الأبحـرُ من كل ركنٍ في الشريعـة يستبـي في العلم أفذاذ العقـول ويسحـرُ من كان يلتمـس الحقيقـة حُـرَّةً فلديـه جوهـرُ لبِّهـا المتخـيَّـرُ كم في رحاب الأرض من طلابهـا حجّـوا إليـه خاشعيـن وكبّـروا * * ما ضرّ لو سلك الشبـابُ سبيلَـه في الحق واستهدوا به واستبصـروا طلبوا الهدى من غيـره فتطرفـوا وتخبطوا في الوهـم حتـى كفـروا ولو استبانوا الرشدَ لـم يتشـددوا فالدين أسمحُ فـي الأمـور وأيسـرُ علـلُ النفـوسِ خطيـرةٌ لكنمـا عللُ التديـنِ والعقيـدةِ أخطـرُ ! من ذا سواهُ يروضُ جمحَ نفوسهـم بهداهُ وهو على الرياضـة أقـدرُ؟ كـم ذا رمـاه بالتأخـر مغـرضٌ فهـل الأصالـة رجعـةٌ وتأخّـرُ؟ حسبوا الحفاظَ على التراثِ تحجُّـرا فهل الحفاظُ على التراث تحجّـرُ ؟ إفكٌ تـورّط فيـه كـلُّ مُضَلَّـلٍ لمـا تولّـى كـبـرَه المستعـمـرُ من لم يؤسـسْ بالقديـم جديـدَه فجديده واهـي الأسـاس مـزوَّرُ * * مرّت عليـه الحادثـاتُ فجازَهـا متجلّـدًا حينـا وحينًـا يــزأرُ كم قادَ ثوراتِ النضـالِ وشبّهـا نـارًا علـى المستعمريـن تُسَعَّـرُ وجـرى زكيًّـا مـن بواكيـه دمٌ عبـقٌ بأنفـاسِ الخلـودِ معطّـرُ وإذا استضيمَ الشعبُ أو رِيعَ الحمى صرخـتْ مآذنُـهُ وضـجّ المنبـرُ من أشعـل الحريـة الحمـراءَ فـي ساحاتـه نـورا ونـارا تصـهـرُ وملامحًـا يجثـو لـهـا تاريـخُـهُ غـرًّا بأقـلام الخلـود تسـطّـرُ من بثّ روحَ الوعي حرًّا لـم يـزلْ يلـدُ البطـولاتِ التـي لا تقهـرُ إن الموكـلَ بالحنيـف وهَـدْيِـهِ أحرى وأخلـق بالجهـادِ وأجـدرُ * * يا أزهـرَ الماضـي المجيـد تحيـةً النـدّ فـوحُ أريجهـا والعنـبـرُ غـرّاءُ يوجبهـا الوفـاءُ وذمـةٌ ترعى الحقوقَ ومنّةٌ لـك تشكـرُ أنا من غراس يديكَ فـرعُ خميلـةٍ كرمتْ منابتهـا وطـاب العنصـرُ يجري البيانُ الحـقُّ فـي أعراقهـا عذبـا فتطلـع نابهيـه وتثـمـرُ تتفيـأ الفصحـى ظليـلَ ظلالهـا وغصونهـا للعبقـريـة مِـزهـرُ ماضٍ عليه مـن الجـلال مهابـةٌ يحنـو لهـا المختـالُ والمتجـبّـرُ إنـي لأذكـرهُ فيُبْهَـرُ خاطـري والمجد حقـا مـا يـروع ويبهـرُ * * لبيك شيخَ الجامعـاتِ ومـن بـه مصرٌ على الدنيـا تتيـه وتفخـرُ كنـتَ السمـاءَ منـارةً ومكانـةً طلع الشيوخ بهـا نجومـا تزهـرُ كانوا ملوكًـا للملـوكِ وكلهـم في وجه طغيـان الملـوك غضنفـرُ لم يُغْرِهِـمْ جـاهٌ ولا أزرت بهـم دنيا ولا استهواهمـو مـا ينكـرُ من مدَّ في وجه الخديـوي رجلـه زهدا وضمّ يديه وهـو المقتـرُ؟ 1 من صيّر الأمراءَ في سـوق الحمـى سلَعًا تقـوَّم قبـلَ أن يتآمـروا 2 والراسـخ الإيمـان ليـس يخيفـه مـن دهـره إلا العلـيّ الأكبـرُ والعلمُ كان مناهلاً يروي الصـدى ظمآنـه منهـا وعنهـا يـصـدرُ حلقاتـه الغـراء حـول شيوخـه هـالاتُ أقمـارٍ سناهـا أقـمـرُ كانت خلايا النحل عنـد دويّهـا وبها جناهـا ذا الرحيـق السكـرُ وبساحها شتـى المذاهـب تلتقـي فالساح حشـدٌ والإئمـة حضّـرُ تغشى مجالسهـا الملائـكُ خشّعًـا ويحفّهـا مـدد السمـاء النـيّـرُ وتعمّها النفحـات مـن أنفاسهـا وكأنها المسـك الفتيـق الأزفـرُ فالعلـم قصـد الطالبيـن لِذَاتِـهِ لا يُبتغـى جـاهٌ بـه أو مظـهـرُ ما بالـه أضحـى غثـاءَ تجـارةٍ تلغو بها سـوقٌ ويلهـو متجـرُ؟ عمت معاهـده المعاهـد والقـرى أترى كمظهرهـا يسـرّ المخبـرُ؟ ونـرى بكـل مديـنـة كلـيـةً أترى كمنظرها يـروق الجوهـرُ؟ يلقى إلى القطط السمـان زمامهـا فيسومُها " الدلاّلُ " و " الشهبندرُ " يتقاسمـون الغنـم فيمـا بينهـم فالربـح وفـرٌ والجهالـة أوفـرُ من كـل نَهَّـازٍ تسلـق للـذرا وضميره بثـرى الحضيـض معفّـرُ ومهرّجٍ يلعلـو مناكـب عصبـةٍ تحميـه وهـو الأحمـق المتـهـورُ ينهـى ويأمـر باسمهـا متبجحًـا وكذاك ينهى " العصبجيُّ " ويأمـرُ أشـلاء مجـد مزقتـه مخـالـبٌ خرقاء في سمـت التقـى تتستّـرُ وتراث أسلافٍ قـد انفـردوا بـه في النهب دون تحـرجٍ واستأثـروا وقفٌ على الجبنـاء مـن أذنابهـم أمـا الأبـيّ العبقـريّ فمـهـدرُ لكنـمـا حريـتـي وترفُّـعِـي وكرامتي أغلـى الكنـوز وأنـدرُ حَسْبِي من الدنيا غنـاي بهـا وإن كانت ذنوبـا عندهـم لا تغفـرُ * * قالوا التطوّر قلـتُ صِبْـغٌ حائـلٌ إن الأصيـل الحـرّ لا يتـطـوّرُ أمِـنَ القشـور الهامشيَّـةِ يُرتجَـى علـمٌ سـويٌّ أو سلـوكٌ خَيّـرُ؟ لا يخدعَنْـكَ بهـا كتـابٌ أبيـضٌ من بعد ما هُجِرَ الكتابُ الأصفـرُ * * يا أزهر الماضي وكم في النفس مـن ذكرى يؤججهـا أسـى وتحسّـرُ عذرًا إذا شطّ اليراع فأنـت مَـن يعفـو إذا شـط اليـراع ويعـذرُ عقدتْ لسانَـك عجمـةٌ ولطالمـا قد كان باللغـة الفصيحـة يهـدرُ من أهمـل القـرآنَ حفظـا غالـه عِيُّ اللسـان الأعجمـيِّ فيحصـرُ جِيلٌ لعمـرك مـا يصحـح آيـةً حتى غدت منـه المنابـر تسخـرُ نَفَثَاتُ أشجان زَحَمْـنَ مشاعـري ومـن الشجـون مقيـدٌ ومحـرّرُ أشدو وفي عينـي وبيـن جوانحـي دمـع يجـول ومهجـة تتفـطّـرُ لكننـي فـي عيـدك الألـفـيّ لا أنْسَى الرجاء فرُبَّ كسَـرٍ يُجبـرُ مهما نظمتُ لك الوفـاءَ وصغتُـه دُرًّا فإنـي فـي الوفـاء مقـصِّـرُ يكفيك أنكَ أنْتَ مِصْـرُ ومجدُهـا يومَ الفخـار وأنَّ مِصْـرَ الأزهـرُ * *
* - هو شيخنا المرحوم بإذن الله تعالى الأستاذ الدكتور حسن جاد حسن ( 1914 - 1995 ) عميد كلية اللغة العربية الأسبق، والقصيدة بديوانه المخطوط بكلية اللغة العربية بالقاهرة من ص 99 إلى 102 1- هو الشيخ إبراهيم الباجوري الذي لم يحفل بالخديوي حين زار حلقته وكان يمد رجليه فلم يضمهما، ثم إنه لم يقبل هدية الخديوي التي بعث بها إليه مع فقره. 2- هو سلطان العلماء العز بن عبد السلام الذي أفتى ببيع أمراء المماليك واعتبرهم من بيت مال المسلمين | |
|