منتدى الدكتور / أحمد جاد الإسلامي والأدبي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الدكتور / أحمد جاد الإسلامي والأدبي

الأدب شعرا ونثرا والتعريف بأمهات الكتب و الشعراء والثقافة الإسلامية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المنفلوطي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
د.أحمد جاد
مدير المنتدى
مدير المنتدى
د.أحمد جاد


عدد المساهمات : 151
تاريخ التسجيل : 25/06/2008
العمر : 63

المنفلوطي Empty
مُساهمةموضوع: المنفلوطي   المنفلوطي I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 25, 2010 9:00 am

[center] المنفلوطي و"النظرات" الحكيمة في أحوال المصريين



مرت بنا مؤخرا ذكرى وفاة أحد عمالقة الأدب العربي مصطفى لطفي المنفلوطي ( 1877 – 1924) والذي قال عنه د. طه حسين يوما : كنت أترقب اليوم الذي تُنشر فيه مقالات المنفلوطي الأسبوعية في جريدة " المؤيد " لحجز نسختي منها .
وفي أشهر كتبه "النظرات" تناول قضايا اجتماعية مقتبسة من المجتمع المصري آنذاك، بعضها ترجم ونشر في صحيفة "المؤيد" ثم جمع بعد ذلك فكان هذا الكتاب، وما يسترعى الانتباه أن كثير مما تطرق إليه المنفلوطي في كتابه وكان يحاول معالجتها في عصره, لازالت مجتماعاتنا إلى اليوم تعاني منها، وتختلف بشأنها.
يبحث المنفلوطي في كتابه عن قيمة الفضيلة التي يراها غائبة عن المجتمع المصري وعن ذلك يقول: "..فتشت عن الفضيلة حتى عييت بأمرها فما وجدت إليها سبيلا، فتشت عنها في حوانيت التجار فرايت التاجر لصا في أثواب بائع، وفي القصور أرى الغني إما شحيحا أو متلافا، وعند الساسة فالمعاهدة والاتفاق والقاعدة والشرط ألفاظ مترادفة معناها الكذب".
ويتابع صاحب كتاب "العبرات" إني لا أنكر وجود الفضيلة ولكني أجهل مكانها، فقد عقد رياء الناس أمام عيني سحابة سوداء أظلم لها بصري، لقد سمج وجه الرذيلة في عيني، وثقل حديثها في مسمعي حتى أصبحت اتمنى أن أعيش بلا قلب فلا أشعر بخير الحياة وشرها وسرورها وحزنها.
الإسلام والمسيحية
يتعجب الكاتب من هؤلاء الذين يندهشون مما كتبه اللورد كرومر عن الإسلام في كتابه "مصر الحديثة" حيث كتب معتقدا شأنه شأن كل مسيحي أن الإسلام دين موضوع ابتدعه عربي بدوي أمي، فكيف يسمح لنفسه أن ينظر بالعين التي ينظر بها المسلم إليه من حيث كونه نبيا مرسلا موحى إليه من عند الله تعالى بكتاب كريم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟.
يقول اللورد كرومر بكتابه: إن الدين الإسلامي دين جامد لا يتسع صدره للمدنية الإسلامية ولا يصلح للنظام الاجتماعي، ويقول: إن ما لايصلح له الدين الإسلامي يصلح له الدين المسيحي.
ويرد المنفلوطي قائلا: في أي عصر من عصور التاريخ، كانت الديانة المسيحية مبعث العلم ومطلع شمس المدنية والعمران؟ أفي العصر الذي كانت تدور فيه رحى الحرب الدموية بين الأرثوذكس والكاثوليكية تارة، وبين الكاثوليك والبروتستانت تارة أخرى بصورة وحشية بكت الأرض منها والسماء؟ أم في العصر الذي كانت إرادة المسيحي فيه صورة من إرادة الكاهن الجاهل، فلا يعلم إلا ما يعلمه إياه، أم في العصر الذي ألفت فيه محكمة التفتيش لمحاكمة المتهمين بمزاولة العلوم فحكمت في وقت قصير على ثلاثمئة وأربعين ألفا بالقتل حرقا أو صلبا؟.
إن الدين الإسلامي – يتابع المنفلوطي - ما غادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، ولا ترك الإنسان يمشي في ميدان هذه الحياة خطوة من مهده إلى لحده، إلا مد يده إليه وأنار له مواقع أقدامه، وأرشده إلى سواء السبيل.
وحول نفس الموضوع اشتمل الكتاب على مقال بعنوان "لا همجية في الإسلام" كتبه المنفلوطي بمناسبة ما أشيع من هياج المسلمين على المسيحيين في ولاية أطنة من ولايات الدولة العثمانية وقتلهم إياهم وتمثيلهم بهم في عام 1909، وعن ذلك يقول المنفلوطي: أيها المسلمون إن كنتم تعتقدون ان الله سبحانه وتعالى لم يخلق المسيحيين إلا ليموتوا ذبحا بالسيوف وقطعا بالرماح وحرقا بالنيران فقد اسأتم بربكم ظنا.
إن وجود الاختلاف بين الناس في المذاهب والأديان والطبائع والغرائز سنة من سنن الكون، لا يمكن تحويلها وتبديلها، ومحاولة توحيد المذاهب والأديان محاولة للقضاء على هذا العالم وسلبه روحه ونظامه، وما جاء الإسلام إلا ليقضي على مثل هذه الهمجية والوحشية التي تزعمون أنها الإسلام، ما جاء الإسلام إلا ليستل من القلوب أضغانها وأحقادها ثم يملأها بعد ذلك حكمة ورحمة، فيعيش الناس في سعادة وهناء.



المدنية الغربية
كأن المنفلوطي بيننا الآن ويرى ما يدعو إليه مثقفينا من الانخراط في المدنية الغربية، والتنصل من هويتنا العربية والإسلامية، مخاطبا إياهم قائلا: إن في أيدينا معشر الكتاب من نفوس هذه الأمة وديعة يجب علينا تعهدها ، الأمة المصرية أمة مسلمة شرقية فيجب أن يبقى لها دينها وشرقيتها ما جرى نيلها في أرضها، إن خطوة واحدة يخطوها المصري إلى الغرب تدني له أجله.
وينتقد المنفلوطي هرولة الشعوب العربية وراء تقليد الغرب في فضائلهم بصورة مشوهة قائلا: يريد المواطن المري تقليد الغرب في رفاهيته ونعمته فلا يفهم منهما إلا أن الأولى تعني التأنث في الحركات، والثانية الاختلاف إلى مواطن الفسق ومخابئ الفجور، يريد أن يقلده في العلم، فلا يعرف منه إلا كلمات يرددها بين شدقيه ترديدا لا يلجأ فيه إلى ركن من العلم وثيق.
إن في المصريين عيوبا جمة في أخلاقهم وطباعهم، فإن كان لابد من الدعوة إلى إصلاحها فلندع إلى ذلك باسم المدنية الشرقية لا باسم المدنية الغربية.
ولا ينكر المنفلوطي أن نأخذ من علوم الغرب ومعارفهم على أن ننظر فيها نظر الباحث المنتقد لا الضعيف المستسلم، ويرى أنه عارا على المسلم الشرقي أن يعرف من تاريخ بونابرت ما لا يعرف من تاريخ عمرو بن العاص، ويحفظ من تاريخ الجمهورية الفرنسية ما لا يحفظ من تاريخ الرسالة المحمدية، ومن مبادئ ديكارت وأبحاث دارون ما لا يحفظ من حكم الغزالي وأبحاث ابن رشد، ويروي من الشعر لشكسبير وهوجو ما لا يروي للمتنبي والمعري.




انتظار الغد
يعرف المنفلوطي الغد بأنه شبح مبهم يتراءى للناظر من مكان بعيد، فربما كان ملكا رحيما، وربما كان شيطانا رجيما، كأني بالغد وهو كامن في مأمنه ورابض في مجثمه ينظر إلى آمالنا وأمانينا نظرات الهزء والسخرية ويبتسم ابتسامات الاستخفاف والازدراء يقول في نفسه: لو علم هذا الجامع أنه يجمع للوارث وهذا الباني أنه يبني للخراب وهذا الوالد أنه يلد للموت ما جمع الجامع ولا بنى الباني ولا ولد الوالد.
وعلى الرغم من تذليل الإنسان لكل عقبة في هذا العالم، إلا أنه سقط أمام باب الغد عاجزا مقهورا لا يجرؤ على فتحه، لأنه باب الله، والله لا يطلع على غيبه أحدا.
ويعود المنفلوطي فيخاطب الغد أن يحافظ على الأمل ولا يكشف لنا حجب الغيب قائلا: لا تفجعنا في أرواحنا ونفوسنا فإنما نحن أحياء بلآمال وإن كانت باطلة وسعداء بالأماني وإن كانت كاذبة.
وليست حياة المرء إلا أمانيا/ إذا هي ضاعت فالحياة على الأثر.
أيها المحزون
يعني أديبنا الكبير كثيرا بأحزان البشر ويتألم لآلامهم، فيخاطب المهموم قائلا: إن كنت تعلم أنك أخذت على الدهر عهدا أن يكون لك ما تريد في جميع شئونك وأطوارك..وألا يعطيك ولا يمنعك إلا كما تحب وتشتهي، فجدير بك أن تطلق لنفسك في سبيل الحزن عنانها كلما فاتك مأرب أو استعصى عليك مطلب.
كما يمضي مؤكدا أن أسعد الناس في هذه الحياة هو من إذا وافته النعمة تنكر لها، ونظر إليها نظرة المستريب بها، وترقب في كل ساعة زوالها وفناءها فإن بقيت في يده فذاك، وإلا فقد أعدّ لفراقها عدته من قبل.
قائلا في كلمات حكيمة: لولا السرور في ساعة الميلاد ما كان البكاء في ساعة الموت، ولولا الوثوق بدوام الغنى ما كان الجزع من الفقر، ولولا فرحة التلاق ما كانت ترحة الفراق.



أدب المناظرة
هل يجمل بأحد من الناس أن يرميني بجارحة من القول أو صاعقة من الغضب لأني خالفت رأيه أو ذهبت غير مذهبه؟ هكذا يتساءل المنفلوطي، ويتابع: أتدري لم يسب الإنسان مناظره؟ لأنه جاهل وعاجز معا، أما جهله فلأنه يذهب في واد غير وادي مناظره، وعاجز لأنه لو عرف إلى مناظره سبيلا غير هذا السبيل لسلكه وكفى نفسه مؤونة ازدراء الناس إياه وحماها الدخول في مأزق هو فيه من الخاسرين، محقا كان أم مبطلا.
ويروى المنفلوطي أنه كان يقع بين ملك من الملوك ووزيره خلاف في مسائل كثيرة واشتد في ليلة من الليالي وهما يتناظران حول المرأة، الملك يعلو بها إلى مصاف الملائكة ويهبط بها الوزير إلى منزلة الشياطين، وحضر مناظرتهما احد الحكماء الذي انصرف وعاد وهو يحمل لوحا على احدى وجهيه صورة فتاة حسناء، وعلى الوجه الآخر صورة عجوز شوهاء، وقال لهما الحكيم: ما احضرت إليكما هذا اللوح إلا لأضربه لكما مثلا لتعلما أنكما متفقان في جميع ما كنتما تختلفان فيه لو أنكما تنظران إلى المسائل التي تختلفان فيها من جهتيهما.

في سطور
المنفلوطي من الأدباء الذين كان لطريقتهم الإنشائية أثر في الجيل الحاضر، كان يميل إلى مطالعة الكتب الأدبية كثيراً، ولزم الشيخ محمد عبده فأفاد منه، وسجن بسببه ستة أشهر لقصيدة قالها تعريضاً بالخديوي عباس حلمي الذي كان على خلاف مع محمد عبده.
وللكاتب أعمال أدبية كثيرة من أهمها: "العبرات"، رواية "في سبيل التاج" ترجمها المنفلوطي من الفرنسية، رواية "بول وفرجيني" صاغها المنفلوطي بعد ترجمتها له من الفرنسية وجعلها بعنوان "الفضيلة"، رواية "تحت ظلال الزيزفون" التي صاغها المنفلوطي بعد أن ترجمها من الفرنسية وجعلها بعنوان "مجدولين" وهي للكاتب الفرنسي ألفونس كار، وغيرها من الأعمال.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://ahmedgad.com
 
المنفلوطي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الدكتور / أحمد جاد الإسلامي والأدبي  :: قسم النثر-
انتقل الى: