د.أحمد جاد مدير المنتدى
عدد المساهمات : 151 تاريخ التسجيل : 25/06/2008 العمر : 63
| موضوع: السند ( تعريفه ) الأربعاء يوليو 02, 2008 6:37 am | |
| الـسند
" السند " في اللغة : ما ارتفع عن الأرض ، وأيضًا : كل ما يستند إليه ويعتمد عليه من حائط وغيره ، ومنه قيل لصك الدين وغيره : سند .
و" السند " في اصطلاح الحديث : رجاله الراوون له ؛ لأنهم يسندون الحديث إلى مصدره ، وجاءت هذه التسمية إما من السند ، وهو ما ارتفع وعلا من سفح الجبل ؛ لأن المسند يرفع متن الحديث إلى قائله ، أو من قولهم فلان سند أي معتمد ، فسمي الإخبار عن طريق المتن سندًا ، لاعتماد الحفاظ في صحة الحديث وضعفه عليه .
والمسند هو من يروى الحديث بإسناد سواء كان له علم به أو ليس له إلاَّ مجرد الرواية ، أما الحديث المسند فهو المتصل من راويه حتى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، اتصالاً ظاهرًا .
والإسناد نوعان : إسناد عال ، وهو السند الذي تقل فيه رواته . وإسناد نازل ، وهو السند الذي يكثر فيه رواته ، وطلب علو الإسناد عند أهل الحديث من علامات الإمامة في هذا الفن ، لأن رواية الحديث من أقصر طرقه إلى مخبره أقل تحريًا وأدعى للصحة ؛ لأنه كلما زاد عدد رواة الحديث في الإسناد الواحد زادت نسبة احتمال تطرق الجرح إلى رواته .
والإسناد من خصائص الأمة الإسلامية ، حفظ الله به السنة النبوية من العبث والتحريف ، وقد عبر عن ذلك السخاوي بقوله :" إن الله أكرم هذه الأمة وفضلها وشرفها بالإسناد ، وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد ، وإنما هو صحف في أيديهم ، وخلطوا بكتبهم أخبارهم فليس عندهم تمييز بين ما نزل في التوراة والإنجيل ، وبين ما ألحقوه بكتبهم عن غير الثقاة ، وهذه الأمة إنما ينص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه المشهور بالصدق والأمانة والضبط من مثله حتى تنتهي أخبارهم ، ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ والأضبط والأطول مجالسة يميزونه ممن كان أقل مجالسة ثم يكتبون الحديث .. " ولهذا قال ابن المبارك :" الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ".
وقد عنى المسلمون بالسند عناية شديدة بسبب تفشى الوضع بين الرواة ، فكان لابد من حسم هذا الأمر بوضع قواعد وضوابط للأسانيد ؛ لمعرفة الأحاديث التي ثبت صحتها ونسبتها إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لأنها يقوم عليها عمل ، وتتعلق بالعقائد والأحكام ، وهو أمر من الخطورة بمكان ، ويحتاج إلى مزيد من الدقة والتحري ، وهذا ما قام به علماء الحديث صيانة لدينهم وحماية له من الدس والوضع .
وكان الإسناد من الوسائل التي يمتحن بها حفاظ الحديث لمعرفة دقة حفظهم ، واحاطتهم الواسعة بالرجال ، فامتحن الإمام البخاري حين قدم إلى بغداد من قبل علمائه ، حيث عمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها ، وألقوها على البخاري ليمتحنوا حفظه ، فرد إسناد كل حديث متنه في براعة واقتدار ، فعظم البخاري في أعينهم وعلموا مقدار شأنه .
واشتهرت أسانيد بعينها ، وسميت السلسلة الذهبية ، فقيل : أصح الأسانيد ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر ، رضي الله عنهما ، وزاد بعضهم الشافعي ، وزاد بعض المتأخرين " أحمد بن حنبل " عن الشافعي ، وبذا يكون أصح الأسانيد ما رواه " أحمد بن حنبل " عن " الشافعي " عن " نافع " عن " ابن عمر " .
ومثل ذلك : ما رواه " محمد بن سيرين " عن " عبيدة بن عمرو السلماني " عن " على بن أبى طالب " ، رضي الله عنه .
وما رواه "الأعمش" عن "إبراهيم" عن "علقمة" عن "ابن مسعود" ، رضي الله عنه .
ونشأ عن اهتمام العلماء بالإسناد علم الرجال ، وهو علم مستقل من علوم الحديث ، وهو علم واسع يتضمن كتب معرفة الصحابة وكتب الطبقات وكتب الجرح والتعديل ، وكتب الأسماء والكنى والألقاب ، والمؤتلف ، والمتفق والمفترق والمتشابه ، ومن أشهر هذه المؤلفات : تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ المزي المتوفى سنة ( 742 هـ = 1341 م ) ، وتهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني ، المتوفى سنة ( 852 هـ = 1448 م ) .
وبلغ من اهتمام علماء المسلمين بالإسناد أن اتسعت دائرته فلم تقتصر على الحديث بل امتدت لتشمل كثيرًا من كتب الأدب والتاريخ .
د / أحمد أحمد جاد | |
|