منتدى الدكتور / أحمد جاد الإسلامي والأدبي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الدكتور / أحمد جاد الإسلامي والأدبي

الأدب شعرا ونثرا والتعريف بأمهات الكتب و الشعراء والثقافة الإسلامية
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 إيليا أبو ماضي متفائلا

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
د.أحمد جاد
مدير المنتدى
مدير المنتدى
د.أحمد جاد


عدد المساهمات : 151
تاريخ التسجيل : 25/06/2008
العمر : 63

إيليا أبو ماضي متفائلا Empty
مُساهمةموضوع: إيليا أبو ماضي متفائلا   إيليا أبو ماضي متفائلا I_icon_minitimeالخميس يوليو 03, 2008 8:52 am

إيليا أبوماضي متفائلا!
الأدباء المهاجرون أنشأوا عالماً جديداً فسيحاً للثقافة العربية في موطنهم الجديد البعيد ، ومن هؤلاء شاعر الأمل والتفاؤل "إيليا أبي ماضي" الذي حملت قصائده روح الشرق وهمومه ، وكأنه شجرة أرزٍ لبنانية غُرست على ضفاف الميسيسيبي. وقد كان غزير النتاج ، حيث خلَّف لنا عدة دواوين تذخر بالمشاعر الوجدانية، وتفيض بالأحاسيس الرقيقة وأهم هذه الدواوين "تذكار الماضي"، و"الجداول"، و"الخمائل" .. و"تبرٌ وتراب" وقد كانت هذه الإبداعات نتاج فتراتٍ زمانية متعاقبة .. ومحطاتٍ مكانية متنوعة في حياة شاعرنا، من جبال لبنان إلى شواطئ الإسكندرية، إلى طرقات نيويورك.. ولكنه لم يَنْسَ قط الشرق العزيز، ولبنان الحبيب الذي قال عنه :
لُبنانُ والأمــلُ الذي لذويــهِ
والشِّعرُ قال بنيتُ عرشــي فيهِ
وتحبُّهُ والثلجُ فــي واديـــهِ
بقــلائد العقيان تستغويـــهِ
بالأنجم الزهـــراءِ تسترضيهِ
حتـــى أعودَ إليه أرضَ التيهِ اثنـــان أعيا الدهرَ أن يُبليهما
سألوا الجمـالَ فقال هذا هيكلي
تشتاقُهُ والصــيفُ فوق هضابه
وإذا تمدُّ له ذُكــاء حبالــها
وإذا تُنَقِّطُهُ السمـــاءُ عشيـةً
وطني ستبقى الأرضُ عندي كلها
وكما غنَّى لوطنه الأول غنى لوطنه الثاني مصر ، التي كان لها أثرٌ كبير في نفسه ، إذ وجد فيها الرزق والعلم ، وخطى فيها أولى خطواته على طريق الأدب ، يقول :
بروحــي وما ملكته يدي
ويمشي الفناءُ إلـى الجلمدِ
فكم بي في الناس من مُقتدِ أيا مصــرُ أفديك بالأنفسين
أحبك حتى تجف البحـــار
وما أنا وحدي المحبُ الأمينُ
والقارئ لشعر أبي ماضي يجده زخراً بالأمل ، داعياً إلى التفاؤل ، وكأنه يرد على من يدعي أن ظروف الحياة من حولنا تدعو إلى التشاؤم يقول:
قال السمــــاءُ كئيبةٌ وتجهمـا قلتُ ابتسم يكفي التجهمُ في السما
قال الصبا ولَّـــى فقلتُ له ابتسم لن يُرجع الأسف الصبا المتصرما
قال التي كانت سمــائي في الهوى صارت لنفسـي في الغرام جهنما
خــــانت عهودي بعد ما ملَّكْتُها قلبي فكيف أُطيقُ أن أتبسمــا؟
قلتُ ابتسم واطـــرب فلو قارنتها قضَّيتَ عمـــركَ كلــه متألما
قال البشـــاشةُ ليس تُسعد كائنًا يأتي إلــى الدنيا ويذهبُ مرغما
قلت ابتســم ما دام بينك والـردى شبرٌ فإنك بعــدُ لــن تتبسمـا
فاضحك فإن الشهب تضحك والدجى متلاطــمٌ ولذا نُحــبُّ الأنجما
وشاعرنا عاشق للحياة وجمالها ، رافض للشكوى والتبرم من عنائها وهو ينصح من يضيق بها ، ويتجاهل جمالها بقوله:
أيا هذا الشــاكي وما بك داءٌ كيف تغــدو إذا غدوت عليلا
إن شر الجُناة في الأرضِ نفسٌ تتوقــى قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورود وتعمى أن تــرى فوقها الندى إكليلا
هو عبءٌ علـــى الحياة ثقيلٌ من يظــن الحياة عبئًا ثقيلا
والذي نفســـه بغير جمـالٍ لا يرى في الوجود شيئًا جميلا
فتمتع بالصبــح مـا دمتَ فيهِ لا تخـف أن يزول حتى تزولا
وهو عاشق للطبيعة ، متيم بها ، ولعل هذا هو سر تفاؤله ، فحديثه عنها حديث الصب المتيم يقول :
يا ليتني لصٌ لأسرق في الضحى سرَّ اللطافة في النسيم الساري
وأَجسَّ مؤتلق الجمـالِ بأصبعي في زرقة الأفقِ الجميلِ العاري
ويبين لـي كنهَ المهابة في الربى والسرَّ في جذلِ الغدير الجاري
وبشاشة المرجِ الخصيبِ ووحشة الـوادي الكئيبِ وصولة التيارِ
وهذا الحب يرافقه في أمريكا ، فيرسم صورةً بديعة لشلال ميلفيرد الشهير وهذا التصوير يذكر بإبداع الشعراء العباسيين ، ويظهر شوقه وتحنانه لبلاده :
شـلال "ميلفيرد" لا يقر قرارُهُ وأنا لشــوقي لا يقر قراري
فيه من السيف الصقيل بريقه وله ضجيــج الجحفل الجرارِ
أبداً يرشُ صخـوره بدموعه أتراه يغسلها مـــن الأوزارِ
فإذا تطـاير مـــاؤه متناثرًا أبصرتَ حول السفح شبه غُبارِ
كالبحر ذي التيارِ يدفعُ بعضهُ ويصولُ كالضرغامِ ذي الأظفارِ
وهذا العاشق للطبيعة والجمال والأمل يبدو أنه قد لاقى العناء في الحب ، إذ يصفه بقوله:
وقائلةٍ ماذا لقيتَ مـــن الحُبِّ فقلتُ الردى والخوفَ في البعدِ والقربِ
فقالت عهدت الحـبَّ يكسب ربَّه شمـــائلَ غُرًا لا تُنال بلا حـــبِ
فقلت لها قد كــان حبًّا فزاده نفــور المها راءً فأمسيتُ في حربِ
وقد كان لي قلبٌ وكنت بلا هوى فلما عرفتُ الحــبَ صـرتُ بلا قلبِ
وإذا كان شاعرنا قد وجد الشقاء في الحب، فأين يجد السعادة إذن؟
مرت ليالٍ وقلبي حــائرٌ قلقٌ كالفلك في النهر هاج النوءُ مجراهُ
أو كالمسافر في قفرٍ على ظمأٍ أضنــى المسيرُ مطاياهُ وأضناهُ
لا أدرك الأمر أهـواهُ وأطلبه وأبلغُ الأمــرَ نفسي ليس تهواهُ
ما دام قلبُــك فيه رحمةٌ لأخٍ عانٍ فأنت امرؤٌ في قلبــك الله
ولكن موقف أبي ماضي من الغرام وتباريحه لا ينعكس على رؤياه للحب بمعناه الرحيب الذي يحرص على إشاعته بين البشر، فيقول :
أحبب فيغدو الكــوخُ لونًا نيرًا وابغض فيمسي الكونُ سجنًا مُظلما
ما الكأسُ لولا الخمرُ غير زجاجةٍ والمرءُ لــولا الحــبُ إلا أعظما
لو تعشـقُ البيداءُ أصبح رملها زهرًا وصــار سرابُها الخداعُ ما
لاح الجمالُ لذي نهــى فأحبه ورآهُ ذو جهــلٍ فظــنَّ ورَجَّما
لا تطلبــن محبةً مـن جاهلٍ المــرءُ ليس يُحبُّ حتـى يفهما
ولا يعني ما سقناه من أشعار أنه كان بمعزلٍ عن قضايا أمته السياسية والاجتماعية، فعندما كان في مصر وجد فيها مُستعمرا غاشما وحُكاما طغاة ، يواجههم شعبٌ مغلوب على أمره ، وثوارٌ مخلصون .. فاختار أن يكون في صفوفهم ، ويسهم بشعره في نضالهم.. يقول:
خَلِّني أستصرخُ القومَ النياما أنا لا أرضى لمصرٍ أن تُضاما
لا تلُم في نصرة الحقِ فتىً هاجـه العابثُ بالحـق فلاما
وقفا في شاطـئ النيل معي نقـرئ النيل التحايا والسلاما
وأناجيه أمانــي أمــةٍ منعوهـا مــاءَهُ إلا لمامـا
لستُ مصـريًا ولكن نسبةً بيننا تجمــع مصرًا والشآما
أمـةٌ ترتقـبُ استقـلالها مثلما يرتقبُ الصادي الغماما
وعندما وجد الظلم الاجتماعي يسحق ملايين الكادحين البسطاء ليثري طبقة مسيطرة تحميها السلطة الظالمة، صرخ في وجوههم قائلا:
وإن ملأ السكك الجائعونْ كلوا واشربوا أيها الأغنياء
تُعلمهم كيف فتك المنونْ مُروا فتصولُ الجنودُ عليهم
سُراةُ البلاد فمن يحرسونْ إذا الجند لم يحرسوكم وأنتم
فيا ليت شعريَ من يقتلونْ وإن هم لم يقتلـوا الأشقياء
فإنهمُ للـردى يولــدونْ ولا يحــزننكمُ مــوتُهمْ
وإن قـدر الله شيئًا يكونْ وقولوا كذا قــد أراد الإله

ولكن مهما تلبدت السماء بالغيوم التي تحيل ضوءها ظلامًا، تعود أبيات قصائده لتحوم في رحاب الأمل الفسيح والأحلام الوردية:
ابسمي كالورد في فجر الصباء وابسمي كالنجمِ إن جنَّ المساءْ
وإذا ما كفـــن الثلجُ الثرى وإذا ما تسترُ الغيــمُ السماءْ
وتعـرى الروضُ من أزهاره وتوارى النورُ في كهفِ الشتاءْ
فاحلمـي بالصيفِ ثم ابتسمي تخلقــي حولك زهرًا وشذاءْ
فهو هكذا دائمًا يجد في الطبيعة كنزًا شائع الملكية ومنجمًا للأمل والتفاؤل وبلسمًا لجراح المعذبين الذين يعاتبهم بقوله:
كــم تشتكي وتقــول إنك معدمٌ والأرضُ ملكُكَ والسما والأنجمُ
ولــك الحقـول وزهرُها وأريجها ونسيمــها والبلبلُ المُتـرنمُ
والنور يبني في السفوح وفي الذرى دورًا مزخــرفةً وحينًا يهدمُ
فكأنه الفنــنُ يعرض عــــابثًا آياتــه قُدَّام مــن يتعلـمُ
وكأنــه لِصفائــِهِ وسنـــائِهِ بحرٌ تعومُ به الطيورُ الحوَّمُ
هشــت لك الدنيا فمـا لك واجمًا وتبسمـــت فعلام لا تتبسمُ
لقد كان إيليا أبي ماضي شاعرًا صاحب رسالة يقول في وصف شعره ورسالته:
أنا مـا وقفتُ لكــي أُشبب بالطلا مالي وللتشبيبِ بالصهبــاءِ
لا تسألوني المدح أو وصف الدُمى إني نبذتُ سفاسـف الشعراءِ
باعـــوا لأجل المالِ ماءَ حيائهم مدحًا وبتُّ أصون ماءَ حيائي
لم يفهمــوا بالشعــر إلا أنـه قـد بات واسطةً إلى الإثراءِ

إعداد الدكتور / أحمد أحمد جاد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://ahmedgad.com
محمد محمود




عدد المساهمات : 15
تاريخ التسجيل : 03/07/2008

إيليا أبو ماضي متفائلا Empty
مُساهمةموضوع: رد: إيليا أبو ماضي متفائلا   إيليا أبو ماضي متفائلا I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 25, 2008 12:56 pm

مشكور جدا جدا يا دكتور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
إيليا أبو ماضي متفائلا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الدكتور / أحمد جاد الإسلامي والأدبي  :: الشعر ونقده :: شعراء-
انتقل الى: