الإسراء والمعراج
2768 - حدثنا علي بن سهل ، قال : حدثنا حجاج يعني ابن محمد الأعور ، قال : حدثنا أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية الرياحي ، عن أبي هريرة ، أو غيره شك أبو جعفر الرازي ، في قول الله تبارك وتعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير (1) ) ، قال : جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ميكال ، فقال جبريل لميكال : ايتني بطست (2) من ماء زمزم كيما أطهر قلبه ، وأشرح له صدره ، قال : فشق عنه بطنه فغسله ثلاث مرات ، واختلف إليه ميكائيل بثلاث طساس من ماء زمزم ، فشرح صدره ونزع ما كان فيه من غل ، وملأه حلما وعلما وإيمانا ويقينا وإسلاما وختم بين كتفيه بخاتم النبوة ، ثم أتاه بفرس فحمل عليه ، كل خطوة منه منتهى بصره ، أو أقصى بصره ، قال : فسار وسار معه جبريل ، فأتى على قوم يزرعون في يوم ويحصدون في يوم ، كلما حصدوا عاد كما كان ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « يا جبريل ، ما هذا ؟ » ، قال : هؤلاء المجاهدون في سبيل الله ، تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف ، وما أنفقوا من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين ، ثم أتى على قوم ترضخ رءوسهم بالصخر ، كلما رضخت (3) عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء ، فقال : « ما هؤلاء يا جبريل ؟ » ، قال : هؤلاء الذين تتثاقل رءوسهم عن الصلاة المكتوبة ، ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع ، وعلى أدبارهم (4) رقاع ، يسرحون كما تسرح الإبل والنعم ، ويأكلون الضريع (5) والزقوم ورضف جهنم وحجارتها ، قال : « ما هؤلاء يا جبريل ؟ » ، قال : هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم ، وما ظلمهم الله شيئا وما الله بظلام للعبيد ، ثم أتى على قوم بين أيديهم لحم نضيج (6) في قدر ، ولحم آخر نيئ قذر خبيث ، فجعلوا يأكلون من النيئ الخبيث ويدعون النضيج الطيب ، فقال : « ما هؤلاء يا جبريل ؟ » ، قال : هذا الرجل من أمتك تكون عنده المرأة الحلال الطيب ، فيأتي امرأة خبيثة فيبيت عندها حتى يصبح ، والمرأة تقوم من عند زوجها حلالا طيبا ، فتأتي رجلا خبيثا فتبيت معه حتى تصبح ، قال : ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها ثوب إلا شقته ولا شيء إلا خرقته ، قال : « ما هذا يا جبريل ؟ » ، قال : هذا مثل أقوام من أمتك يقعدون على الطريق فيقطعونه ، ثم تلا : ( ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله (7) ) الآية ، ثم أتى على رجل قد جمع حزمة حطب عظيمة لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها ، فقال : « ما هذا يا جبريل ؟ » ، فقال : هذا الرجل من أمتك تكون عنده أمانات الناس ، لا يقدر على أدائها وهو يزيد عليها ، ويريد أن يحملها ، ثم أتى على قوم تقرض ألسنتهم وشفاهم بمقاريض من حديد ، كلما قرضت عادت كما كانت ، لا يفتر عنهم من ذلك شيء ، قال : « ما هؤلاء يا جبريل ؟ » قال : هؤلاء خطباء أمتك خطباء الفتنة يقولون ما لا يفعلون ، ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم ، فجعل الثور يريد أن يرجع من حيث خرج فلا يستطيع ، فقال : « ما هذا يا جبريل ؟ » ، قال : هذا الرجل يتكلم بالكلمة العظيمة ، ثم يندم عليها فلا يستطيع أن يردها ، ثم أتى على واد فوجد ريحا طيبة باردة وريح المسك ، وسمع صوتا ، فقال : « يا جبريل ما هذه الريح الطيبة الباردة ، وهذه الرائحة التي كريح المسك ، وما هذا الصوت ؟ » ، قال : هذا صوت الجنة ، تقول : يا رب آتني ما وعدتني ، فقد كثرت عرفي (
وإستبرقي وحريري وسندسي وعبقريي ولؤلؤي ومرجاني وفضتي وذهبي وأكوابي وصحافي وأباريقي ، وفواكهي ونخلي ورماني ومائي ولبني وخمري ، فآتني ما وعدتني ، فقال : لك كل مسلم ومسلمة ، ومؤمن ومؤمنة ، ومن آمن بي وبرسلي وعمل صالحا ، ولم يشرك بي ، ولم يتخذ من دوني أندادا ، ومن خشيني فهو آمن ومن سألني أعطيته ، ومن أقرضني جزيته ، ومن توكل علي كفيته ، فإني أنا الله لا إله إلا أنا ، لا أخلف الميعاد ، وقد أفلح المؤمنون ، وتبارك الله أحسن الخالقين ، قالت : قد رضيت ، قال : ثم أتى على واد فسمع صوتا منكرا ووجد ريحا منتنة ، فقال : « ما هذه الريح يا جبريل ؟ وما هذا الصوت ؟ » ، قال : هذا صوت جهنم ، تقول : يا رب آتني ما وعدتني فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وضريعي وغساقي وعذابي ، وقد بعد قعري ، واشتد حري ، فآتني ما وعدتني ، قال : لك كل مشرك ومشركة ، وكافر وكافرة ، وكل خبيث وخبيثة ، وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب ، قالت : قد رضيت ، قال : ثم سار حتى أتى بيت المقدس فنزل فربط فرسه إلى صخرة ، ثم دخل فصلى مع الملائكة ، فلما قضيت الصلاة ، قالوا : يا جبريل ، من هذا معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد أرسل محمد ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : ثم لقي أرواح الأنبياء فأثنوا على ربهم ، فقال إبراهيم : الحمد لله الذي اتخذني خليلا وأعطاني ملكا عظيما ، وجعلني أمة قانتا لله يؤتم بي ، وأنقذني من النار ، وجعلها علي بردا وسلاما ، ثم إن موسى صلوات الله عليه أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي كلمني تكليما ، وجعل هلاك آل فرعون ونجاة بني إسرائيل على يدي ، وجعل من أمتي قوما يهدون بالحق وبه يعدلون ، ثم إن داود أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعل لي ملكا عظيما ، وعلمني الزبور ، وألان لي الحديد ، وسخر لي الجبال يسبحن والطير ، وأعطاني الحكمة وفصل الخطاب ، ثم إن سليمان أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي سخر لي الرياح ، وسخر لي الشياطين يعملون لي ما شئت من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات (9) ، وعلمني منطق الطير ، وأتاني من كل شيء فضلا ، وسخر لي جنود الشياطين والإنس والطير ، وفضلني على كثير من عباده المؤمنين ، وأتاني ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعدي ، وجعل ملكي ملكا طيبا ليس علي فيه حساب ، ثم إن عيسى أثنى على ربه ، فقال : الحمد لله الذي جعلني كلمته ، وجعل مثلي مثل آدم خلقه من تراب ، ثم قال له : كن فيكون ، وعلمني الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ، وجعلني أخلق من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طائرا بإذنه ، وجعلني أبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذنه ، ورفعني وطهرني ، وأعاذني وأمي من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان علينا سبيل ، قال : ثم إن محمدا صلى الله عليه وسلم أثنى على ربه ، فقال : « كلكم أثنى على ربه ، وإني مثن على ربي ، فقال : الحمد لله الذي أرسلني رحمة للعالمين وكافة للناس بشيرا ونذيرا ، وأنزل علي الفرقان (10) فيه تبيان لكل شيء ، وجعل أمتي خير أمة أخرجت للناس ، وجعل أمتي أمة وسطا ، وجعل أمتي هم الأولين وهم الآخرين ، وشرح لي صدري ، ووضع عني وزري ورفع لي ذكري ، وجعلني فاتحا وخاتما ، فقال إبراهيم : بهذا فضلكم محمد صلى الله عليه وسلم ، قال أبو جعفر يعني الرازي : خاتم بالنبوة ، وفاتح بالشفاعة يوم القيامة ، ثم أتي بآنية ثلاثة مغطاة أفواهها ، فأتي بإناء منها فيه ماء ، فقيل : اشرب ، فشرب منه يسيرا ، ثم دفع إليه إناء آخر فيه لبن ، فقيل : اشرب ، فشرب منه حتى روي ، ثم دفع إليه إناء آخر فيه خمر ، فقيل له : اشرب ، فقال : » لا أريده ، قد رويت « ، فقال له جبريل عليه السلام : أما إنها ستحرم على أمتك ، ولو شربت منها لم يتبعك من أمتك إلا قليل ، قال : ثم صعد به إلى السماء ، فاستفتح ، فقيل : من هذا يا جبريل ؟ فقال : محمد ، فقالوا : أوقد أرسل ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، فدخل فإذا هو برجل تام الخلق لم ينقص من خلقه شيء كما ينقص من خلق الناس ، على يمينه باب تخرج منه ريح طيبة ، وعن شماله باب تخرج منه ريح خبيثة ، إذا نظر إلى الباب الذي عن يمينه ضحك واستبشر ، وإذا نظر إلى الباب الذي عن شماله بكى وحزن ، فقلت : » يا جبريل : من هذا الشيخ التام الخلق الذي لم ينقص من خلقه شيء ، وما هذان البابان ؟ « قال : هذا أبوك آدم ، وهذا الباب الذي عن يمينه باب الجنة ، إذا نظر إلى من يدخله من ذريته ضحك واستبشر ، والباب الذي عن شماله باب جهنم ، إذا نظر إلى من يدخله من ذريته بكى وحزن ، ثم صعد به جبريل إلى السماء الثانية ، فاستفتح ، فقيل : من هذا معك ؟ قال : محمد رسول الله ، فقالوا : أوقد أرسل محمد ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فإذا هو بشابين ، فقال : » يا جبريل : من هذان الشابان ؟ « ، قال : هذا عيسى ابن مريم ، ويحيى بن زكريا ابنا الخالة ، قال : فصعد به إلى السماء الثالثة ، فاستفتح ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد أرسل ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل قد فضل على الناس في الحسن ، قال : » من هذا يا جبريل ؟ « قال : هذا أخوك يوسف ثم صعد به إلى السماء الرابعة ، فاستفتح ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل ، قال : » من هذا يا جبريل ؟ « ، قال : هذا إدريس ، رفعه الله مكانا عليا ، ثم صعد به إلى السماء الخامسة ، فاستفتح ، فقالوا : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، ثم دخل فإذا هو برجل جالس وحوله قوم يقص عليهم ، قال : » من هذا يا جبريل ؟ ومن هؤلاء الذين حوله ؟ « ، قال : هذا هارون المحبب في قومه ، وهؤلاء بنو إسرائيل ، ثم صعد به إلى السماء السادسة فاستفتح ، فقيل له : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد أرسل ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء فإذا هو برجل جالس ، فجاوزه فبكى ، فقال : » يا جبريل من هذا ؟ « ، قال : موسى ، قال : » ما له يبكي ؟ « ، قال : يقول : تزعم بنو إسرائيل أني أكرم بني آدم على الله ، وهذا رجل من بني آدم قد خلفني في دنياه وأنا في آخرتي ، فلو أنه بنفسه لم أبال ، ولكن مع كل نبي أمته ، قال : ثم صعد به إلى السماء السابعة فاستفتح ، فقيل له : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قالوا : وقد أرسل ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ ومن خليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، ونعم المجيء جاء ، قال : فدخل فإذا هو برجل أشمط (11) جالسا عند باب الجنة على كرسي ، وعنده قوم جلوس بيض الوجوه أمثال القراطيس ، وقوم في ألوانهم شيء ، فقام هؤلاء الذين في ألوانهم شيء فدخلوا نهرا فاغتسلوا فيه ، فخرجوا قد خلص من ألوانهم شيء ، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ، ثم دخلوا نهرا آخر فاغتسلوا فيه ، فخرجوا وقد خلص من ألوانهم شيء ، فصارت مثل ألوان أصحابهم ، فجاءوا فجلسوا إلى أصحابهم ، فقال : » يا جبريل : من هذا الأشمط ؟ ثم من هؤلاء البيض الوجوه ؟ ومن هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ؟ وما هذه الأنهار التي دخلوا فجاءوا وقد صفت ألوانهم ؟ « ، قال : هذا أبوك إبراهيم صلوات الله عليه ، أول من شمط على الأرض ، وأما هؤلاء البيض الوجوه فقوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، وأما هؤلاء الذين في ألوانهم شيء ، فقوم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتابوا فتاب الله عليهم ، وأما الأنهار فأولها رحمة الله ، والثاني نعمة الله ، والثالث سقاهم ربهم شرابا طهورا ، قال : ثم انتهى إلى السدرة (12) ، فقيل له : هذه السدرة ينتهي إليها كل أحد خلا من أمتك على سنتك ، فإذا هي شجرة يخرج من أصلها أنهار من ماء غير آسن (13) وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، وهي شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين عاما لا يقطعها ، والورقة منها مغطية الأمة كلها ، قال : فغشيها نور الخلاق وغشيتها الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجر ، قال : فكلمه عند ذلك فقال له : سل ، فقال : » إنك اتخذت إبراهيم خليلا وأعطيته ملكا عظيما ، وكلمت موسى تكليما ، وأعطيت داود ملكا عظيما وألنت له الحديد وسخرت له الجبال ، وأعطيت سليمان ملكا عظيما وسخرت له الجن والإنس والشياطين ، وسخرت له الرياح وأعطيته ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ، وعلمت عيسى التوراة والإنجيل ، وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذنك ، وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل ، فقال له ربه تبارك وتعالى : وقد اتخذتك حبيبا وخليلا ، وهو مكتوب في التوراة حبيب الرحمن ، وأرسلتك إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا ، وشرحت لك صدرك ووضعت عنك وزرك ، ورفعت لك ذكرك ، فلا أذكر إلا ذكرت معي ، وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس ، وجعلت أمتك أمة وسطا ، وجعلت أمتك هم الأولين وهم الآخرين ، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي ، وجعلت من أمتك أقواما قلوبهم أناجيلهم ، وجعلتك أول النبيين خلقا وآخرهم بعثا ، وأولهم يقضى له ، وأعطيتك سبعا من المثاني لم أعطها نبيا قبلك ، وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت عرشي ، لم أعطها نبيا قبلك وأعطيتك الكوثر ، وأعطيتك ثمانية أسهم : الإسلام ، والهجرة ، والجهاد ، والصلاة ، والصدقة ، وصوم رمضان ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وجعلتك فاتحا وخاتما ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « فضلني ربي بست : أعطاني فواتح الكلام وخواتيمه ، وجوامع الحديث ، وأرسلني إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا ، وقذف في قلوب عدوي الرعب من مسيرة شهر ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وجعلت لي الأرض كلها طهورا ومسجدا » ، قال : « وفرض عليه خمسين صلاة » ، فلما رجع إلى موسى ، قال : بم أمرت يا محمد ؟ قال : « بخمسين صلاة » ، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، فقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، ثم رجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : « بأربعين » ، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، فرجع إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : « أمرت بثلاثين » ، فقال له موسى : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع إلى ربه فسأله التخفيف فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : « أمرت بعشرين » ، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع فسأله التخفيف ، فوضع عنه عشرا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : « بعشر » ، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : فرجع على حياء إلى ربه فسأله التخفيف ، فوضع عنه خمسا ، فرجع إلى موسى ، فقال : بكم أمرت ؟ قال : « أمرت بخمس » ، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف ، فإن أمتك أضعف الأمم ، وقد لقيت من بني إسرائيل شدة ، قال : « قد رجعت إلى ربي حتى استحييت ، فما أنا راجعا إليه » ، فقيل له : أما إنك كما صبرت نفسك على خمس صلوات ، فإنهن يجزين عنك خمسين صلاة ، فإن كل حسنة بعشر أمثالها ، قال : فرضي محمد صلى الله عليه وسلم كل الرضا ، قال : وكان موسى أشدهم عليه حين مر به ، وخيرهم له حين رجع إليه « القول في البيان عما في هذه الأخبار من الخبر ، عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وعن صلاته فيه بمن ذكر أنه صلى به فيه من الأنبياء ، إن قال لنا قائل : إنك قد رويت لنا في بعض هذه الأخبار التي قدمت ذكرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه صلى في بيت المقدس ليلة أسري به إليه من مكة بالأنبياء الذين سموا في الأخبار التي رويت لنا بذلك ، وأنه رآهم رؤية عيان لا رؤيا منام ، فما أنت قائل فيما
رواه الطبري في تهذيب الآثار للطبري ج 6 ص 270
(1) سورة : الإسراء آية رقم : 1
(2) الطست : إناء كبير مستدير من نحاس أو نحوه
(3) الرَّضْخ : الشَّدْخ. والرَّضْخ أيضا : الدّقُّ والكسر
(4) الأدبار : جمع الدبر ودبر كل شيء عقبه ومؤخره
(5) الضريع : نبات الشبرق لا تقربه دابة لخبثه
(6) النضيج : ما اكتمل طهوه
(7) سورة : الأعراف آية رقم : 86
(
العرف : الريح الطيبة
(9) راسيات : ثابتات
(10) الفرقان : القرآن لأنه يفرق بين الحق والباطل
(11) الشَّمَط : الشيبُ، والشَّمَطاَت : الشَّعَرات البيض التي كانت في شَعْر رأسِه
(12) سِدْرَةُ المُنْتهى : شجرة في أقْصَى الجنة إليها يَنْتهي عِلُم الأولّين والآخِرين ولا يتعدَّاها.
(13) الآسن : ما تغيرت رائحته