د.أحمد جاد مدير المنتدى
عدد المساهمات : 151 تاريخ التسجيل : 25/06/2008 العمر : 63
| موضوع: الانتماء من منظور إسلامي الجمعة يونيو 27, 2008 10:29 am | |
| الانتماء من منظور إسلامي
الانتماء للوطن والولاء للأمة قضية من أخطر القضايا في حياة الأمم والشعوب لأنها تعني الانتساب للوطن والاتصال بالأمة اتصالا وثيقا ولا يعطي هذا أثره الإيجابي المطلوب إلا إذا أخذ أبعاده لمعنوية والأدبية والمادية في نفوس جميع الأفراد.
وإذا حاولنا التعرف علي تلك القضية من منظور إسلامي فسوف نجد الإسلام قد أشاد بها وأكد عليها حتى جعلها قضية إيمان وحياة لا يكتمل الإيمان إلا بها ولا تنهض الأمة إلا عليها.
ولا شك أن الانتماء والولاء يجعل حب الوطن والأمة من أعظ ملامح هويتها لأنه يدفع أبناءها إلي تتنميتها والحرص عليها والوفاء لها، يفرض علي المسلم الجد والاجتهاد وتوظيف ملكاته وقدراته العقلية والبدنية في المساعدة علي رقي الأمة وإعادة مجدها، ولا يمكن أ، يكون الانتماء حقا إلا إذا وجدت في أرجاء الأمة أصداؤه الدينية والإنسانية والسياسة والاقتصادية ولا يبني التاريخ ولا يؤسس المجد إلا بهذا.
والحقيقة أن حب الوطن فريضة وأن الانتماء إليه شرف وأن الولاء للأمة من شعب الدين وشعائر الحق ولم لا؟ أليس حب الوطن من الإيمان..؟ قال تعالي: "(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) )(الأنعام:162؛ 163)
ولهذا يجب أن نعرف أن الانتماء للإسلام والانتماء للوطن صنوان يساعدان في تنمية المجتمع وتوثيق عرا الولاء بين أبنائه وقد علمنا الرسول – صلي الله عليه وسلم- كيف نحب أوطاننا عندما ناجى مكة حين خرج منها مهاجرا قائلا :" والله إني لأخرج منك وإني لأعلم أنك أحب بلاد الله تعالي إلي الله، وأحب بلاد الله إليّ ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت". ويظهر ذلك أيضا من مناجاة الرسول – صلي الله عليه وسلم – لربه عند الهجرة قائلا: " اللهم إنك أخرجتني من أحب البلاد إلي فأسكني أحب البلاد إليك". ولقد دعا الرسول ربه بعد أن حلّ بالمدينة قائلا:" اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة وأشد".
وغنى عن البيان أ، نعرف جميعا أن الانتماء للوطن يقتضي الحرص عليه ودفع الضرر عنه وصدق العهد معه، وقد ظهر هذا جليّا في المجتمع المسلم إبان عهد الرسول –صلي الله عليه وسلم- حين حاول المسلمون دفع الضرر عن المدينة بحفر الخندق حولها في غزوة الأحزاب عام 5 هـ، ولما أغارت غطفان علي المدينة عرض الرسول –صلي الله عليه وسلم- علي الأنصار أن يصالحهم علي ثلث تمر المدينة فقال الأنصار يا رسول الله : لقد كنا أذل الناس فأعزنا الله بالإسلام ولقد كان أهل غطفان لا ينالون من ثمره إلا قرى (كرما وجودا) أو بيعا، أفحين أكرمنا الله تعالي بالإٍسلام وأعزنا الله بك نعطيهم أموالنا؟
والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم.
والانتماء الحق يحرص علي تنمية المجتمع ويجعل التنمية الاجتماعية عنوان الانتماء الصحيح لله والوطن يقول تعالي مبينا ذلك :" (وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:9)
وهذا الانتماء الصحيح يدعو أبناء الوطن الواحد إلي التكافل الاجتماعي فيما بينهم ومساعدة بعضهم البعض يقول تعالي في معنى ذلك :" لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:272-273-274)
وقد فطن الرسول – صلي الله عليه وسلم- إلي ذلك فآخي بين المهاجرين والأنصار وقال: " المؤمن للمؤن كالبنيان يشد بعضه بعضا".
والحقيقة أن الأمة (أية أمة) لا تتقدم إلا بعمق إخائها وصدق انتمائها لربها ووطنها ولهذا كان الفهم الصحيح للانتماء سرّا من أسرار التقدم وسببا من أسباب الازدهار لأنه يجعل الأمة نسيجا واحدا :" (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )(الحجرات: من الآية10) ويجعلهم يدا علي من سواهم: " (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )(الفتح: من الآية29) ويدفعهم إلي التحاب والتآلف: "( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ).
أخا الإسلام هذا هو الانتماء الذي أراده الإسلام فهل أنتم منتمون؟ | |
|