د.أحمد جاد مدير المنتدى
عدد المساهمات : 151 تاريخ التسجيل : 25/06/2008 العمر : 63
| موضوع: كعب بن زهير الجمعة أكتوبر 17, 2008 4:22 am | |
| ]كعب بن زهير هو الشاعر المخضرم ، والصاحبي المكرم ، كعب بن زهير بن أبي سلمى المزني ، نشأ في بيت عريق ، له في الشعر مكانة سامية ، ويتأكد ذلك إذا علمنا أن كثيرا من أصول الشاعر وفروعه وذويه كانوا شعراء ، فجده ، وأبوه ، وأخوه بجير ، وخاله بشامة بن الغدير كانوا شعراء ، وكانت عمته وابنها صخر وابنتها الخنساء من الشعراء ، أضف إلى هذا أن ابنه عقبة وحفيده العوام كانا شاعرين . وقد سأله الحطيئة أن يقول شعراً يقدم فيه نفسه ، ثم يثني به بعده ، ففعل . وذلك حين أتى الحطيئة كعبا بن زهير فقال له : يا كعب ، قد علمت روايتي لكم ، وانقطاعي إليكم ، وقد ذهب الفحول غيري وغيرك ، فلو قلت شعراً تذكر فيه نفسك ، وتضعني موضعاً بعدك ! فقال كعب : فمن للقوافي شانها من يحوكها ... إذا ما ثوى كعب وفوز جرول نقـول فلا نعيا بشيء نقـوله ... ومن قائليها من يسيء ويجمل كفيتك لا تلفى من الناس واحداً ... تنـخل منـها مثل ما يتنخل نثـقفها حتى تلـين متـونـها ... فيقصـر عنها كل ما يتمثـل والغريب أن زهيرا كان ينهاه عن الشعر قبل أن يستحكم ، فقد قال حماد الراوية : تحرك كعب بن زهير ، وهو يتكلم بالشعر ، فكان زهير ينهاه مخافة أن يكون لم يستحكم شعره ، فيروى له ما لا خير فيه ، فكان يضربه في ذلك ، فكلما ضربه يزيد فيه فغلبه ، فطال عليه ذلك ، فأخذه فحبسه ، فقال : والذي أحلف به لا تتكلم ببيت شعر إلا ضربتك ضرباً ينكلك عن ذلك . فمكث محبوساً عدة أيام ، ثم أخبر أنه يتكلم به ، فدعاه فضربه ضرباً شديداً ، ثم أطلقه ، وسرحه في بهمه ، وهو غليم صغير ، فانطلق فرعى ثم راح عشية ، وهو يرتجز : كأنما أحدو ببهمي عيرا ... من القرى موقرة شعيرا فخرج إليه زهير وهو غضبان، فدعا بناقته فكفلها بكسائه ، ثم قعد عليها حتى انتهى إلى ابنه كعب ، فأخذ بيده فأردفه خلفه ، ثم خرج فضرب ناقته ، وهو يريد أن يبعث ابنه كعباً ، ويعلم ما عنده من الشعر ، فقال زهير حين برز إلى الحي : إني لتعديني على الحي جسرة ... تخب بوصال صروم وتعنق ثم ضرب كعباً ، وقال له : أجز يا لكع ، فقال كعب : كبنيانة القرئي موضع رحلها ... وآثار نسغيها من الدف أبلق
فقال زهير : على لاحب مثل المجرة خلته ... إذا ما علا نشزاً من الأرض مهرق أجز يا لكع ، فقال كعب : منير هداه ليله كنهاره ... جميع، إذا يعلو الحزونة أفرق وقد تعسفه زهير عمداً ليعلم ما عنده ، فتبدى في نعت النعام ، وترك الإبل ، ثم قال : وظل بوعسـاء الكثيب كأنه ... خباء على صقبي بوان مروق صقبى بوان : عمود من أعمدة البيت ، فقال كعب : تراخى به حب الضحاء وقد رأى ... سماوة قشراء الوظيفين عوهق فقال زهير: تحن إلى مثل الحبابير جثم ... لدى منتج من قيضها المتفلق الحبابير : جمع حبارى ، وتجمع أيضاً حباريات ، فقال كعب : تحطم عنها قيضها عن خراطم ... وعن حدق كالنبخ لم يتفتق الخراطم ها هنا : المناقير ، والنبخ : الجدري ، شبه أعين ولد النعامة به . فأخذ زهير بيد ابنه كعب ، ثم قال له : قد أذنت لك في الشعر يا بني . فلما نزل كعب وانتهى إلى أهله - وهو صغير يومئذ - قال : أبيت فلا أهجو الصديق ومن يبع ... بعرض أبيه في المعاشر ينفق قال: وهي أول قصيدة قالها. خروجه وبجير إلى رسول الله خرج كعب وبجير ابنا زهير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغا أبرق العزاف ، فقال كعب لبجير : الحق الرجل ، وأنا مقيم ها هنا ، فانظر ما يقول لك . فقدم بجير على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسمع منه وأسلم ، وبلغ ذلك كعباً ، فقال : ألا أبلغـا عنـي بجيراً رسالة ... على أي شيء عوتب غيرك دلكا على خلـق لم تلف أماً ولا أباً ... عليه ولـم تدرك عليه أخاً لكـا سقـاك أبو بكر بكـأس روية ... فأنهلـك المأمـون منها وعلكـا فخالفت أسباب الهدى وتبعته ... فهل لك فيما قلت بالخيف هل لكا ؟ ويروى " المأمور " . فبلغت أبياته هذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهدر دمه ، وقال : من لقي منكم كعب بن زهير فليقتله ، فكتب إليه أخوه بجير بخبره ، وقال له : انجه ، وما أراك بمفلت . وكتب إليه بعد ذلك يأمره أن يسلم ، ويقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول له : إن من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله قبل صلى الله عليه وسلم منه ، وأسقط ما كان قبل ذلك . فأقبل كعب حتى أناخ راحلته بباب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل كعب حتى دخل المسجد ، فتخطى حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، الأمان . قال : ومن أنت ؟ قال: كعب بن زهير . قال : أنت الذي يقول... كيف قال يا أبا بكر ؟ فأنشده حتى بلغ إلى قوله: سقاك أبو بكر بكأس روية ... وأنهلك المأمون منها وعلكا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مأمون والله . ثم أنشده كعب : بانت سعاد فقلبي اليوم متبول أنشدها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده ، فلما بلغ إلى قوله : إن الرسول لسيف يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول في فتية من قريش قال قائلهم ... ببطن مكـة لما أسلموا: زولوا زالوا فما زال أنكاس ولا كشف ... عند اللقاء ولا ميل معازيل أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحلق أن يسمعوا شعر كعب بن زهير . وهناك رواية تقول : إن كعباً نزل برجل من جهينة ، فلما أصبح أتى النبي عليه السلام ، فقال: يا رسول الله ، أرأيت إن أتيتك بكعب بن زهير مسلماً أتؤمنه ؟ قال : نعم ، قال : فأنا كعب بن زهير ، فتواثبت الأنصار تقول : يا رسول الله ، ائذن لنا فيه . فقال : وكيف ، وقد أتاني مسلماً ! وكف عنه المهاجرون ولم يقولوا شيئاً ، فأنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم قصيدته: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول حتى انتهى إلى قوله : لا يقع الطعن إلا في نحورهم ... وما بهم من حياض الموت تهليل هكذا في رواية عمر بن شبة ، ورواية غيره ، فعند ذلك أومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحلق حوله أن تسمع منه . قال : وعرض بالأنصار في قصيدته في عدة مواضع، منها قوله: كانت مواعيد عرقوب لها مثلاً ... وما مواعيدها إلا الأباطيل وعرقوب: رجل من الأوس . فلما سمع المهاجرون بذلك قالوا : ما مدحنا من هجا الأنصار ، فأنكروا قوله ، وعوتب على ذلك فقال : من سره كرم الحياة فلا يزل ... في مقنب من صالحي الأنصار الباذلين نفوسهـم لنبيهـم ... عنـد الهيـاج وسطوة الجبار والنـاظرين بـأعين محمرة ... كـالجمر غير كليلـة الإبصار والضاربين الناس عن أديانهم ... بالمشرفي وبالقنا الخطــار يتطهرون يرونه نسكاً لهم ... بدماء من علقوا من الكفـار صدموا الكتيبة يوم بدر صدمة ... ذلت لوقعتها رقاب نزار عرقوب المضروب به المثل الذي عناه كعب من الأوس كان وعد رجلاً ثمر نخلة، فلما أطلعت أتاه فقال : دعها حتى تلقح ، فلما لقحت قال : دعها حتى تزهي ، فلما أزهت أتاه فقال : دعها حتى ترطب ، ثم أتاه فقال : دعها حتى تتمر ، فلما أتمرت عدا عليها ليلاً فجدها ، فضرب به في الخلف المثل . وهناك رواية ثالثة تقول : إن سبب إسلامه يرجع إلى كتابة أخوه بجير إليه يخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجلا بمكة ممن كان يهجوه ويؤذيه، وأن من بقي من شعراء قريش كابن الزِّبَعْرَي ، وهبيرة بن أبي وهب قد هربوا في كل وجه ، فإن كانت لك في نفسك حاجة فطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يقتل أحدا جاءه تائبا ، وإن أنت لم تفعل فانج إلى نجائك من الأرض . وكان كعب قد كتب إلى أخيه بجير لما بلغه إسلامه الأبيات السابقة ، وبعث بها إليه ، فلما أتت بجيراً كرها أن يكتمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع قوله سقاك بها المأمون : صدق وإنه لكذوب ، أنا المأمون ولما سمع قوله على خلقٍ لم تلف أماً ولا أباً عليه قال : أجل لم يلف عيلان أباه ولا أمه فكتب بجير إلى كعب : من مبلـغٌ كعبـاً فهل لك في التي ... . تلوم عليها باطلاً وهي أحزم إلى الله لا العـزّى ولا اللاّت وحده .. . فتنجو إذا كان النّجاء وتسلم لدى يوم لا ينجـو وليس بمفلـتٍ ... .من الناس إلا طاهر القلب مسلم فدين زهيرٍ وهـو لا شيء دينــه ... ودين أبي سلمـى علىّ محــرّم قال: فلما بلغ كعباً كتاب أخيه ضاقت به الأرض ، وأشفق على نفسه ، وأرجف به من كان في حاضره من عدوه ، فقالوا : هو مقتول ، فقال قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر فيها خوفه ، وإرجاف الوشاة به من عدوه ، وخرج حتى قدم المدينة ، فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة من جهينة ، فغدا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الصبح فصلى معه ، ثم أشار الجهني لكعب إلى رسول الهب صلى الله عليه وسلم ، فقال : هذا رسول الله ، فقم إليه فأستأمنه ، فقام حتى جلس إليه ، فوضع يده في يده ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه ، فقال : يا رسول الله كعب بن زهير قد جاء ليستأمن مكة تائبا مسلما ، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، فقال : أنا يا رسول الله كعب بن زهير ، فوثب رجل من الأنصار وقال : يا رسول الله ، دعني وعدو الله أضرب عنقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعه عنك ، فانه قد جاء تائبا نازعا. قال : فغضب كعب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم ، وأنشد كعب قصيدته ( بانت سعاد ) وهي المسماة بالبردة ، ويرجع سبب تسميتها بهذا الاسم إلى أن الرسول صلى الله عيه وسلم ألبس كعبا بردته بعد سماعه ينشد ( إن الرسول لنور ...) وذلك إعجابا بهذه القصيدة ، ومن هنا يسمي بعض النقاد هذه القصيدة بالبردة ، وتجدر الإشارة إلى أن هناك قصيدة أخرى يطلق عليها هذا الاسم وهي قصيدة الإمام البوصيري المتوفى سنة 695 هـ على الراجح ومطلعها ( أمن تذكر جيران بذي سلم ) وقيـل في سبب تسميتها بالبردة : إن البوصيري كان مريضا ، فلما نظمها رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام ، فمسح بيده عليه فبرئ لوقته ، وألقى عليه بردته ( لذلك سميت بالبردة والمبرأة ) وبعض النقاد يطلق عليها نهج البردة . وهناك قصيدة لشوقي المتوفى سنة 1932 م يطلق عليها ( نهج البردة ) ومطلعها : ( ريم على القاع بين البان والعلم ) وهي في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم . ونخلص إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أهدى بردته إلى كعب وقيل : إن معاوية بن أبي سفيان المتوفى سنة 60 هـ أراد أن يشتريها منه فأبى ، فزاد معاوية في الثمن ، فرفض كعب قائلا : ما كنت لأوثر بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا ، فلما مات كعب سنـة 24 هـ ـ على الراجح ـ اشتراها معاوية من ورثة كعب بعشرين ألف درهم ، وتوارثها الخلفاء يلبسونها في الأعياد ، وقد فقدت هذه البردة عندما هجم التتار على بغداد ، وقيل غير ذلك . [color=darkblue][/[/center]color][/size][/center][/font][/size] | |
|
محمد محمود
عدد المساهمات : 15 تاريخ التسجيل : 03/07/2008
| موضوع: رد: كعب بن زهير الخميس ديسمبر 25, 2008 12:26 pm | |
| | |
|