د.أحمد جاد مدير المنتدى
عدد المساهمات : 151 تاريخ التسجيل : 25/06/2008 العمر : 63
| موضوع: الشعر والشعراء السبت يونيو 28, 2008 4:00 am | |
| الشعر والشعراء
كتاب في الأدب ونقد الشعر لأبى محمد " عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري " ، المتوفى سنة ( 276 هـ = 889 م ) ، أحد كبار علماء اللغة والأدب والنقد والأخبار ويعد من العلماء الموسوعيين ، فله مؤلفات في مختلف العلوم العربية ، منها : " أدب الكاتب " ، و" عيون الأخبار " ، و" غريب الحديث " ، و" مشكل القرآن " ، و" الأنواء" ، والخيل " وغيرها.
وكتابه " الشعر والشعراء " يبدأ بمقدمة طويلة يتحدث فيها عن تأليفه للكتاب وموضوعه ، فيقول :" هذا كتاب ألفته في الشعراء ، أخبرت فيه عن الشعراء وأزمانهم وأقدارهم وأحوالهم في أشعارهم ، وقبائلهم وأسماء آبائهم ، ومَن كان يُعرف باللقب أو بالكنية منهم ، وعما يستحسن من أخبار الرجل ويستجاد من شعره ، وما أخذه العلماء عليهم من الغلط والخطأ في ألفاظهم أو معانيهم ، وما سبق إليه المتقدمون فأخذه عنهم المتأخرون ، وأخبرت فيه عن أقسام الشعر وطبقاته ، وعن الوجوه التي يختار الشعر عليها ويستحسن لها ، إلى غير ذلك ، ثم يتحدث عن أقسام الشعر ، ويتعرض لعنصريه اللفظ والمعنى ، ويبين قيمة كل منهما ، ثم قسم الشعر أربعة أضرب ، هي : الأول : ضرب حسن لفظه ، وجاد معناه ، الثاني : ضرب حسن لفظه وحلا ، ولكن لا فائدة في معناه ، الثالث : ضرب جاد معناه وقصَّرت ألفاظه عنه ، والأخير : ضرب تأخر معناه وتأخر لفظه ، ويستشهد لكل ضرب بما يستجاد من شعر الشعراء والقصص والأخبار والنوادر ، مع نقده وتعليقه على قبيح أسماء الأعلام والكنى والألقاب التي حشدها الشعراء في شعرهم بلا طائل من ورائها .
ثم يتحدث عن هيكل القصيدة العربية وأقسامها ، والحديث عن بداياتها من الوقوف على الأطلال والدمن ، والبكاء عليها ، ومخاطبة الرَّبع واستوقاف الأصحاب ، تمهيدًا للحديث عن أهلها الظاعنين ؛ لاستدعاء السامعين وجذب انتباههم . ثم يوضح " ابن قتيبة " البعد النفسي ، وأثر مطالع القصيدة العربية ، مع التنبيه على المحدثين من الشعراء المحافظة على المنهج التقليدي للقصيدة العربية ، مع الموازنة بين أقسامها من وقوف على الأطلال وبين الأغراض التي تليها من مدح أو هجاء أو رثاء أو غير ذلك . وفى حديثه عن قضية الصنعة والطبع في الشعر العربي ، يوضح الفرق بين المذهبين ، ويستشهد على حديثه بالشعر ، مازجًا فى استشهاداته بين التكلف والتثقيف ، وبين الطبع والارتجال ، مبينًا مظاهر التكلف وأثرها في الشعر ، مثل : إجبار الشاعر على استخدام الضرورات الشعرية ، وتلفيقه الأفكار ، وغير ذلك .
ويتحدث " ابن قتيبة " عن الدوافع النفسية التي تدفع وتساند الشاعر في نظمه لشعره ، فيقول :" وللشعر دواعٍ تحث البطيء ، وتبعث المتكلف ، منها : الطمع ، ومنها الشوق ، ومنها الشراب ، ومنها الطرب ، ومنها الغضب ". ثم يضيف إليها بعد ذلك الزمان والمكان . ويرى أن من أهم أسباب اختيار الشعر وحفظه : جودة المعنى واللفظ ، وخفة الروي ، وحسن اختيار التشبيه ، وندرة المعاني وغرابتها ، ونبل قائل الشعر ، أو أن قائله لم يقل غيره ، أو لأن شعره قليل عزيز . ثم يتحدث عن عيوب الشعر والقافية ، ومن أهمها : الإقواء ، والإكفاء ، والسناد ، والإيطاء ، والإجازة ، وعيوب الإعراب مثل : تسكين ما حقه التحريك ، ويستشهد لكل عيب يذكره بشواهد من الشعر العربي مع التعليق عليها .
ويرى " ابن قتيبة " أنه من الواجب على الشاعر المحدث ألاَّ يتبع الشاعر المتقدم في استعمال حوشي الكلام ، واستعمال اللغة القليلة عند العرب ، وألاَّ يتبع الأساليب التي لا تصلح في الوزن ولا تحلو في الأسماع ، ويجب عليه إذا أراد الإجادة في النظم أن يختار أحسن الروي ، وأسهل الألفاظ وأبعدها عن الحوشي والتعقيد كما يجب على الخطيب أن يختار أشهر الأشعار والكلام .وعند الحديث عن بداية نظم القصائد العربية ، يرى " ابن قتيبة " أن بداية الشعر بدأت بنظم بعض الأبيات القليلة التي كان ينظمها العرب عن الحاجة إليها ، ولم يكن هناك من ينظم القصائد الطوال ، حتى بدأ الشعراء في نظم المطولات الشعرية كامرىء القيس ، ومهلهل بن ربيعة ، وغيرهما .
ويختار من الشعراء المشهورين ( 206 شخصية ) ويترجم لهم بعد قوله :" وكان قصدي للمشهورين من الشعراء الذين يعرفهم جلُّ أهل الأدب والذين يقع الاحتجاج بأشعارهم فى الغريب وفى النحو ، وفى كتاب الله عز وجل ، وحديث رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ". ولم يعرف " ابن قتيبة " بالشعراء المجهولين الذين خفي اسمهم وفسد شعرهم ؛ لعدم الحاجة إلى معرفتهم ، وقلة ما يروى عنهم وعن شعرهم ، وصعوبة الإحاطة بكل شعراء قبائل العرب ، لكثرتهم في الجاهلية والإسلام . وجمع " ابن قتيبة " بين الشعراء القدماء والمحدثين معًا وترجم لهم ، فقال :" ولم أسلك فيما ذكرته من شعر كل شاعر مختارًا له ، سبيل من قلد أو استحسن باستحسان غيره ، ولا نظرت بعين الجلالة لتقدمه ، وإلى المتأخر منهم بعين الاحتقار لتأخره ، بل نظرت بعين العدل للفريقين وأعطيت كلاًّ حظه ووفرت عليه حقه ".وقال أيضًا عن هذا الأمر :" فكل من أتى بحسنٍ من قولٍ أو فعلٍ ذكرناه له ، وأثنينا به عليه ، ولم يضعه عندنا تأخر قائله أو فاعله ، ولا حداثة سنِّه ، كما أن الرديء إذا ورد علينا للمتقدم أو الشريف لم يرفعه عندنا شرف صاحبه ولا تقدمه ".
وفى ترجمته للشعراء يذكر اسم الشاعر صاحب الترجمة ونسبه ، وأسماء آبائه وقبيلته ، ولقبه وكنيته ، وقدره ، وأحواله في شعره ، ودوره في أحداث عصره ، وتأثيرها في حياته وشعره ، وذكر ما يستجاد من شعره ، وفنون شعره المختلفة ، وأقوال العلماء في شعره .
د / أحمد أحمد جاد
| |
|