على ألا ننسى أن العرب فى ذلك الوقت كانوا يعتمدون على ذاكرتهم اعتمادا كبيرا، وكانت تلك الذاكرة مؤهلة تأهيلا ممتازا لهذه المهمة بحكم أنهم كانوا آنذاك شعبا تغلب عليه الأمية. فكانت السيرة مسجلة فى ذلك الجهاز البشرى الذى كان يقوم مقام الصحائف والكتب إلى حد كبير. ثم يضيف كاتبنا قائلا إن تأليف كتب السيرة يقوم على كتب الحديث، وهذه ليست مشكوكا فيها فحسب، بل أسوأ من ذلك كثيرا، محاولا بهذه الطريقة إيهام القارئ الغربى بأن الأحاديث هى مجرد نصوص مجموعة كيفما اتفق، فلم تخضع لتمحيص أو تحقيق ولم يوضع لها منهج دقيق محكم يتم بناءً عليه قبولها أو ردّها.
إنه يطلق الأحكام إطلاقا دون أدنى إحساس بالخجل. وليس هذا من العلم فى قليل أو كثير.
ومن أكاذيبه التى يطلقها إطلاقا دون ذكر المصدر زَعْمه أنه، صلى الله عليه وسلم، كان انفعاليا شديد الانفعالية ويخشى الألم الجسدى لدرجة غير معقولة. ثم يشير إلى ما كتبه المستشرق البريطانى وليام بالجريف من أن سيرة النبى إنما تقوم على تصوّر الفضائل التى يعتز بها العربى مسبقا، إذ جمع كتّاب السيرة تلك الفضائل ثم أسندوها إلى محمد زاعمين أنه كان يتصف بها كلها.
والعجيب أن الكاتب، بعد كل هذه الادعاءات التى مارسها بدم بارد، يعود فيقول إن محمدا، رغم كل شىء، كان عظيم الشجاعة والعطف والرحمة، قوى الشعور الوطنى، محبا للتسامح والغفران. فالحمد لله، الذى أنطقه بمثل ذلك الكلام على رغم أنفه! وإن كان قد سارع إلى نقضه قائلا إنه، عليه الصلاة والسلام، كان شديد القسوة مع اليهود! ويا لها من شهادة من أحد أتباع السيد المسيح المؤمنين بأن اليهود قد قتلوه وصلبوه ولم يؤمنوا بدعوته واتهموه واتهموا أمه بما لا يقال.
لكن لا ينبغى أن نسقط من حسابنا كراهية الكاتب للنبى محمد، فهذه الكراهية كفيلة بأن تنسيه ما قاله المسيح ذاته، وكذلك ما قاله العهد القديم من قبل المسيح، فى حق اليهود، الذى يأكله قلبه كل هذا الأكلان رحمة بهم وعطفا عليهم وتظاهرا منه بإنسانية كاذبة، إذ ليست العبرة بالشدة أو القسوة فى حد ذاتها، بل فى المواطن التى تستعمل فيها. ولقد اشتد النبى على اليهود بعدما ذاق منهم هو والمسلمون الأَمَرَّيـْن وضاقت صدورهم وبلغت منهم الروح الحلقوم بسبب مؤامراتهم وغدرهم ونقضهم للعهود والمواثيق التى عقدها النبى معهم وساوى فيها بين المسلمين وبينهم تمام المساواة، فأبت نفوسهم الملتوية إلا أن تنزل على طبيعة الخيانة والغدر المتأصلة فيهم الجارية فى عروقهم.
فماذا تراه، عليه الصلاة والسلام، كان ينبغى أن يصنع؟ طبقًا للكاتب لقد كان ينبغى أن يتركهم يقتلونه ويخنقون دينه ويقضون عليه وعلى دولته والمسلمين والعرب أجمعين، على ألا ينسى أن يدعو لهم قبل هذا بالتوفيق والسلامة! إن النبى إنما كان يعيش فى دنيا البشر، ودنيا البشر تعجّ بضروب المتاعب والشرور والمشاكل، ولا يصلح لها التسامح على طول الخط، وبخاصة إذا كانت الحقوق التى يراد فيها التسامح هى حقوق الرعية لا حقوقا شخصية لصاحبها أن يتنازل عنها إذا أراد، فعندئذ لا ينفع إلا الضرب بشدة على أيدى الغادرين، وإلا انتهى كل شىء.
ثم يقول الكاتب إن الرأى منقسم إزاء الحكم على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ما بين منحاز إليه يصفه بكل فضيلة ومكرمة ومنحاز ضده لا يذكره إلا بالشر والسوء. وهو يرفض الرأى الأخير قائلا إنه ينضح بالتحامل ويناقض الواقع التاريخى. يقول هذا وكأنه هو نفسه قد قال فيه صلى الله عليه وسلم شيئا آخر غير هذا.
إلا أن أصول الصنعة لدى أمثاله تقتضى هاتين الكلمتين اللتين لا تقدمان ولا تؤخران كى يبدو محايدا متجردا عن التعصب والتحامل، وهيهات! وممن أشار إليهم بين المتحاملين على نبينا الكريم صلوات الله عليه وسلامه مارتن لوثر الزعيم البروتستانتى المعروف، الذى وصف نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه "شيطان وأول ولدٍ لإبليس":
"a devil and first-born child of Satan"
ولا ندرى على أى اساس وصف هذا الـمُهَلْوِس سيدنا وسيده محمدا بما وصفه به كذبا ومَيْنًا، وهو النبى الكريم الذى دعا إلى الإيمان بالسيد المسيح وبرّأه هو وأمه مما رماهما به يهود، فضلا عن دعوته المستقيمة إلى الوحدانية المطلقة والأخلاق الطاهرة والفضائل الإنسانية والاجتماعية التى لا نظير لها.
وفوق ذلك شن دين محمد صلى الله عليه وسلم حملة عنيفة على الأحبار والرهبان وتأليه المتدينين لهم باتباعهم لما ابتدعوه من تشريعات لم ترد فى دعوة عيسى عليه السلام.
كذلك ليست فى الإسلام وساطات بين العبد وخالقه، فضلا عن أنه لا توجد فيه أيقونات ولا اعترافات ولا رهبانية ولا صكوك غفران، وهو ما كان ينبغى أن يخفف على الأقل من هذا الحقد المسعور على سيد الأنبياء والمرسلين لأن هذه الأشياء هى مما نادت به البروتستانتية مذهب هذا التعيس.
ولكن متى كان لأمثاله عقول يفكرون بها؟
ولنفترض أن الرسول الكريم كان سيئا إلى ذلك الحد، إنه لأفضل رغم ذلك من كل أنبياء العهد القديم، الذين ينسب ذلك الكتاب إليهم الزنا والدياثة والغدر والقتل ومضاجعة المحارم والكذب والحقد والطمع والجشع وتشجيع الوثنية والتطاول على الله والتصارع معه، وهو ما لم يفعل نبينا العظيم شيئا منه. وهذه بعض النصوص التى تتحدث عن أولئك الأنبياء الكرام، بعضها فقط لا كلها. وبديهى أننا نحن المسلمين لا نوافق على هذا الذى يقوله الكتاب المقدس فى حقهم عليهم السلام.
كل ما فى الأمر أننا نحاجّ الكاتب بكتابه هو: "30وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ، وَابْنَتَاهُ مَعَهُ، لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. 31وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ، وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. 32هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْرًا وَنَضْطَجعُ مَعَهُ، فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 33فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا.34
وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْرًا اللَّيْلَةَ أَيْضًا فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ، فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». 35فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْرًا فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضًا، وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا، 36فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. 37فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ»، وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. 38وَالصَّغِيرَةُ أَيْضًا وَلَدَتِ ابْنًا وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي»، وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ" (تكوين/ 20)، "11وَحَدَثَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لَمَّا كَبِرَ مُوسَى أَنَّهُ خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ، فَرَأَى رَجُلاً مِصْرِيًّا يَضْرِبُ رَجُلاً عِبْرَانِيًّا مِنْ إِخْوَتِهِ، 12فَالْتَفَتَ إِلَى هُنَا وَهُنَاكَ وَرَأَى أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ، فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ" (خروج/ 2).
"2وَكَانَ فِي وَقْتِ الْمَسَاءِ أَنَّ دَاوُدَ قَامَ عَنْ سَرِيرِهِ وَتَمَشَّى عَلَى سَطْحِ بَيْتِ الْمَلِكِ، فَرَأَى مِنْ عَلَى السَّطْحِ امْرَأَةً تَسْتَحِمُّ. وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ جَمِيلَةَ الْمَنْظَرِ جِدًّا. 3فَأَرْسَلَ دَاوُدُ وَسَأَلَ عَنِ الْمَرْأَةِ، فَقَالَ وَاحِدٌ: «أَلَيْسَتْ هذِهِ بَثْشَبَعَ بِنْتَ أَلِيعَامَ امْرَأَةَ أُورِيَّا الْحِثِّيِّ؟». 4فَأَرْسَلَ دَاوُدُ رُسُلاً وَأَخَذَهَا، فَدَخَلَتْ إِلَيْهِ، فَاضْطَجَعَ مَعَهَا وَهِيَ مُطَهَّرَةٌ مِنْ طَمْثِهَا. ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا. 5وَحَبِلَتِ الْمَرْأَةُ، فَأَرْسَلَتْ وَأَخْبَرَتْ دَاوُدَ وَقَالَتْ: «إِنِّي حُبْلَى». 6فَأَرْسَلَ دَاوُدُ إِلَى يُوآبَ يَقُولُ: «أَرْسِلْ إِلَيَّ أُورِيَّا الْحِثِّيَّ». فَأَرْسَلَ يُوآبُ أُورِيَّا إِلَى دَاوُدَ.7
7فَأَتَى أُورِيَّا إِلَيْهِ، فَسَأَلَ دَاوُدُ عَنْ سَلاَمَةِ يُوآبَ وَسَلاَمَةِ الشَّعْبِ وَنَجَاحِ الْحَرْبِ. 8وَقَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «انْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ وَاغْسِلْ رِجْلَيْكَ». فَخَرَجَ أُورِيَّا مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَخَرَجَتْ وَرَاءَهُ حِصَّةٌ مِنْ عِنْدِ الْمَلِكِ. 9وَنَامَ أُورِيَّا عَلَى بَابِ بَيْتِ الْمَلِكِ مَعَ جَمِيعِ عَبِيدِ سَيِّدِهِ، وَلَمْ يَنْزِلْ إِلَى بَيْتِهِ. 10فأَخْبَرُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: «لَمْ يَنْزِلْ أُورِيَّا إِلَى بَيْتِهِ». فَقَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «أَمَا جِئْتَ مِنَ السَّفَرِ؟ فَلِمَاذَا لَمْ تَنْزِلْ إِلَى بَيْتِكَ؟» 11فَقَالَ أُورِيَّا لِدَاوُدَ: «إِنَّ التَّابُوتَ وَإِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا سَاكِنُونَ فِي الْخِيَامِ، وَسَيِّدِي يُوآبُ وَعَبِيدُ سَيِّدِي نَازِلُونَ عَلَى وَجْهِ الصَّحْرَاءِ، وَأَنَا آتِي إِلَى بَيْتِي لآكُلَ وَأَشْرَبَ وَأَضْطَجعَ مَعَ امْرَأَتِي؟ وَحَيَاتِكَ وَحَيَاةِ نَفْسِكَ، لاَ أَفْعَلُ هذَا الأَمْرَ». 12فَقَالَ دَاوُدُ لأُورِيَّا: «أَقِمْ هُنَا الْيَوْمَ أَيْضًا، وَغَدًا أُطْلِقُكَ». فَأَقَامَ أُورِيَّا فِي أُورُشَلِيمَ ذلِكَ الْيَوْمَ وَغَدَهُ. 13وَدَعَاهُ دَاوُدُ فَأَكَلَ أَمَامَهُ وَشَرِبَ وَأَسْكَرَهُ. وَخَرَجَ عِنْدَ الْمَسَاءِ لِيَضْطَجِعَ فِي مَضْجَعِهِ مَعَ عَبِيدِ سَيِّدِهِ، وَإِلَى بَيْتِهِ لَمْ يَنْزِلْ. 14
وَفِي الصَّبَاحِ كَتَبَ دَاوُدُ مَكْتُوبًا إِلَى يُوآبَ وَأَرْسَلَهُ بِيَدِ أُورِيَّا. 15وَكَتَبَ فِي الْمَكْتُوبِ يَقُولُ: «اجْعَلُوا أُورِيَّا فِي وَجْهِ الْحَرْبِ الشَّدِيدَةِ، وَارْجِعُوا مِنْ وَرَائِهِ فَيُضْرَبَ وَيَمُوتَ». 16وَكَانَ فِي مُحَاصَرَةِ يُوآبَ الْمَدِينَةَ أَنَّهُ جَعَلَ أُورِيَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي عَلِمَ أَنَّ رِجَالَ الْبَأْسِ فِيهِ. 17فَخَرَجَ رِجَالُ الْمَدِينَةِ وَحَارَبُوا يُوآبَ، فَسَقَطَ بَعْضُ الشَّعْبِ مِنْ عَبِيدِ دَاوُدَ، وَمَاتَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضًا. 18فَأَرْسَلَ يُوآبُ وَأَخْبَرَ دَاوُدَ بِجَمِيعِ أُمُورِ الْحَرْبِ. 19وَأَوْصَى الرَّسُولَ قَائِلاً: «عِنْدَمَا تَفْرَغُ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَ الْمَلِكِ عَنْ جَمِيعِ أُمُورِ الْحَرْبِ، 20فَإِنِ اشْتَعَلَ غَضَبُ الْمَلِكِ، وَقَالَ لَكَ: لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ لِلْقِتَالِ؟ أَمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُمْ يَرْمُونَ مِنْ عَلَى السُّورِ؟ 21مَنْ قَتَلَ أَبِيمَالِكَ بْنَ يَرُبُّوشَثَ؟ أَلَمْ تَرْمِهِ امْرَأَةٌ بِقِطْعَةِ رَحًى مِنْ عَلَى السُّورِ فَمَاتَ فِي تَابَاصَ؟ لِمَاذَا دَنَوْتُمْ مِنَ السُّورِ؟ فَقُلْ: قَدْ مَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضًا».22فَذَهَبَ الرَّسُولُ وَدَخَلَ وَأَخْبَرَ دَاوُدَ بِكُلِّ مَا أَرْسَلَهُ فِيهِ يُوآبُ. 23
وَقَالَ الرَّسُولُ لِدَاوُدَ: «قَدْ تَجَبَّرَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ وَخَرَجُوا إِلَيْنَا إِلَى الْحَقْلِ فَكُنَّا عَلَيْهِمْ إِلَى مَدْخَلِ الْبَابِ. 24فَرَمَى الرُّمَاةُ عَبِيدَكَ مِنْ عَلَى السُّورِ، فَمَاتَ الْبَعْضُ مِنْ عَبِيدِ الْمَلِكِ، وَمَاتَ عَبْدُكَ أُورِيَّا الْحِثِّيُّ أَيْضًا». 25فَقَالَ دَاوُدُ لِلرَّسُولِ: « هكَذَا تَقُولُ لِيُوآبَ: لاَ يَسُؤْ فِي عَيْنَيْكَ هذَا الأَمْرُ، لأَنَّ السَّيْفَ يَأْكُلُ هذَا وَذَاكَ. شَدِّدْ قِتَالَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَأَخْرِبْهَا. وَشَدِّدْهُ».26فَلَمَّا سَمِعَتِ امْرَأَةُ أُورِيَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ أُورِيَّا رَجُلُهَا، نَدَبَتْ بَعْلَهَا. 27وَلَمَّا مَضَتِ الْمَنَاحَةُ أَرْسَلَ دَاوُدُ وَضَمَّهَا إِلَى بَيْتِهِ، وَصَارَتْ لَهُ امْرَأَةً وَوَلَدَتْ لَهُ ابْنًا. وَأَمَّا الأَمْرُ الَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ فَقَبُحَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ" (صموئبل الثانى/ 11).
"1وَأَحَبَّ الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ نِسَاءً غَرِيبَةً كَثِيرَةً مَعَ بِنْتِ فِرْعَوْنَ: مُوآبِيَّاتٍ وَعَمُّونِيَّاتٍ وَأَدُومِيَّاتٍ وَصِيدُونِيَّاتٍ وَحِثِّيَّاتٍ 2مِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ قَالَ عَنْهُمُ الرَّبُّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: «لاَ تَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ لاَ يَدْخُلُونَ إِلَيْكُمْ، لأَنَّهُمْ يُمِيلُونَ قُلُوبَكُمْ وَرَاءَ آلِهَتِهِمْ». فَالْتَصَقَ سُلَيْمَانُ بِهؤُلاَءِ بِالْمَحَبَّةِ. 3وَكَانَتْ لَهُ سَبْعُ مِئَةٍ مِنَ النِّسَاءِ السَّيِّدَاتِ، وَثَلاَثُ مِئَةٍ مِنَ السَّرَارِيِّ، فَأَمَالَتْ نِسَاؤُهُ قَلْبَهُ. 4وَكَانَ فِي زَمَانِ شَيْخُوخَةِ سُلَيْمَانَ أَنَّ نِسَاءَهُ أَمَلْنَ قَلْبَهُ وَرَاءَ آلِهَةٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَكُنْ قَلْبُهُ كَامِلاً مَعَ الرَّبِّ إِلهِهِ كَقَلْبِ دَاوُدَ أَبِيهِ. 5فَذَهَبَ سُلَيْمَانُ وَرَاءَ عَشْتُورَثَ إِلهَةِ الصِّيدُونِيِّينَ، وَمَلْكُومَ رِجْسِ الْعَمُّونِيِّينَ. 6وَعَمِلَ سُلَيْمَانُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ، وَلَمْ يَتْبَعِ الرَّبَّ تَمَامًا كَدَاوُدَ أَبِيهِ. 7حِينَئِذٍ بَنَى سُلَيْمَانُ مُرْتَفَعَةً لِكَمُوشَ رِجْسِ الْمُوآبِيِّينَ عَلَى الْجَبَلِ الَّذِي تُجَاهَ أُورُشَلِيمَ، وَلِمُولَكَ رِجْسِ بَنِي عَمُّونَ. 8
وَهكَذَا فَعَلَ لِجَمِيعِ نِسَائِهِ الْغَرِيبَاتِ اللَّوَاتِي كُنَّ يُوقِدْنَ وَيَذْبَحْنَ لآلِهَتِهِنَّ. 9فَغَضِبَ الرَّبُّ عَلَى سُلَيْمَانَ لأَنَّ قَلْبَهُ مَالَ عَنِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي تَرَاءَى لَهُ مَرَّتَيْنِ، 10وَأَوْصَاهُ فِي هذَا الأَمْرِ أَنْ لاَ يَتَّبعَ آلِهَةً أُخْرَى، فَلَمْ يَحْفَظْ مَا أَوْصَى بِهِ الرَّبُّ. 11فَقَالَ الرَّبُّ لِسُلَيْمَانَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّ ذلِكَ عِنْدَكَ، وَلَمْ تَحْفَظْ عَهْدِي وَفَرَائِضِيَ الَّتِي أَوْصَيْتُكَ بِهَا، فَإِنِّي أُمَزِّقُ الْمَمْلَكَةَ عَنْكَ تَمْزِيقًا وَأُعْطِيهَا لِعَبْدِكَ" (الملوك الأول/ 11)... إلخ.
ثم إن المؤمنين بالكتاب المقدس يقولون إن الله قد غفر خطايا أولئك الأنبياء، فإذا كان الأمر كذلك فكيف لا يغفر سبحانه لمحمد أيضا أخطاءه إن كانت له مثل تلك الأخطاء؟ وبكل يقين هو لم يرتكب شيئا من هذا ولا نصفه ولا ربعه ولا عشره ولا واحدا على المائة ولا على الألف ولا حتى على المليون.
وهذا الكلام ينبغى توجيهه أيضا إلى المبشر الأمريكى صمويل زويمر، الذى استشهد الكاتب بما سطره فى أحد كتبه زاعما أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد فشل فى اجتياز الامتحان الأخلاقى الذى عقده هو له بناءً على مقاييس العهد القديم، إذ ما دام النبى عليه الصلاة والسلام قد رسب فى ذلك الامتحان، فأَحْرِ بأنبيائه أن يكون رسوبهم بجدارة.
وفى هذه الحالة على زويمر أن يعلن هذا الرأى فيهم وأن يرفض الإيمان بهم بناء على مقاييس ذلك الكتاب. فهل يفعل؟ وأخيرا وليس آخرا أين توصية السيد المسيح فى العهد الجديد للوثر وغيره من أتباع النصرانية بأن يحبوا أعداءهم ويباركوا لاعنيهم؟ وهذا إن كان النبى قد لعن لوثر أو أباه مثلا. فما بالنا إذا كان لم يصنع شيئا من ذلك البتة وأن المسيح ومريم العذراء عليهما السلام لم يلقيا منه إلا كل حفاوة وتكريم وتبرئة من التهم المجرمة التى قرفهما بها اليهود؟
وهذا التطاول من لوثر على سيدنا رسول الله واتهامه له بأنه شيطان وأول من أنجب إبليسُ من أبناء يذكرنى بما كان ذلك السليط اللسان يعتقده فى أبى الشياطين، إذ كان يتصور أنه يظهر للبشر عيانا بيانا وكأنه مخلوق مادى.