د.أحمد جاد مدير المنتدى
عدد المساهمات : 151 تاريخ التسجيل : 25/06/2008 العمر : 63
| موضوع: الفرزدق همام بن غالب الخميس يوليو 03, 2008 8:29 am | |
| الفرزدق ( 20 هـ - 114هـ)
[size=21]هوهمام بن غالب بن صعصعة ، لُقب بالفرزدق لجهامة وجهه وغلظه. ينسب إلى قبيلة تميم التى يضرب تاريخها في عمق العصر الجاهلى زمانا، وفي بادية الدهناء شرقى الجزيرة مكانا، وفي دارم من بنى مجاشع تحديدا كان مولد الفرزدق. نشأ في قبيلة متعددة الفروع، جاورت قبائل عبد القيس وحنيفة، والتقت في الشمال بقبائل أسد وبكر وتغلب. كانت قبيلة (تميم) وثنية في جاهليتها، ثم أسلمت بعد فتح مكة، وشاركت في حروب الردة أيام الصِدَّيق – رضى الله عنه- وظهرت منها سجاح المتنبئة، وقد أعادها خالد بن الوليد إلى الإسلام بعد تحقيق انتصارات مبهرة على المرتدين. استمر تاريخ القبيلة في العصر الأموى بها لها من أرصدة زادت مع الزمن وروج لها الفرزدق منذ نشأته في مدينة البصرة. وفى أحد بيوت أشرافها ممن يمتد نسبهم إلى جده غالب من صعصعة الذى لُقَّب بمحيى الوئيدات لكثرة ما قدمه من أمواله فداءً لهن، حيث كان من أثرياء العرب وأجوادهم، مما تجلى في كثير من فخر الفرزدق به وبمآثره. ينتهى نسبه لأمه إلى قبيلة "ضبة" التى عُرفت أيضا بأصالة الانتماء وعراقة النسب؛ الأمر الذي انعكس في فخر الشاعر بأخواله وأعمامه على السواء. نشأ الفرزدق نشأة بدوية، تمثل فيها سلوك البدوى، واستوعب فيها تقاليد البادية، معتمدا على ميراث نسبه العريق، فجنح إلى العصبية والفخر، وربما ساعده على ذلك تيار الإحياء الذي شاع في كثير من مفردات الحياة الأموية وفكرها ومدارسها وإبداعها. بدأ الفرزدق تجربته الإبداعية في الشعر هجَّاء - على حد اعترافه - "كنت أهاجي شعراء قومى ، وأنا غلام في خلافه عثمان"، ثم أنفق زمنا من شبابه في ارتياد دور الغناء وبيوت القيان وصحبة أصدقاء اللهو والخلاعة ، وكان أمره قد رفع إلى زياد بن أبيه بالبصرة حتى طلبه، ولكنه آثر الفرار عبر البادية حتى بلغه نعى زياد، فاتجه إلى البصرة، واتصل بأميرها عبيد الله بن زياد، حيث استمر مدحه، وإن غلب عليه شعر الهجاء لكثير من شعراء البصرة حتى بدأ الاشتباك مع جرير في معركة النقائض الكبرى التى امتدت عبر نصف قرن من الزمان، ومن عمر الشاعر نفسه. ورد في ديوانه من شعر المدح ما أصفى به بعض الخلفاء، على غرار سليمان ابن عبد الملك بن مروان، وهشام بن عبد الملك، وإن جنح إلى هجائه حين اصطدم بواليه على العراق خالد القسرى الذي زج به في السجن فترة، حتى أنقذه منه أسد القسرى حين تولى أمر العراق بالإنابة عن أخيه أثناء غيبته في رحلة الحج. عُرف الفرزدق ببداوة شعره وصعوبة لغته التى ربما ارتهنت بشخصيته الجافة ونفسيته الحادة، ومزاجه العنيف، وطبيعته الخشنة حتى بدا العمل الإبداعى لديه ضربا من النحت في الصخر، على نحو ما روى عن لسان جرير في قوله عن نفسه أنه يغرف من بحر، وأن الفرزدق ينحت من صخر، وكان الفرزدق يقول عن نفسه " أنا عند تميم أشعر تميم، ولربما أتت عليّ ساعة، ونزعُ ضرس أهون علىَّ من قول بيت شعر" مما يعكس لديه مفهوم الصنعة أساساً للإبداع، بما فيها من المشقة والمعاناة والصقل في انتفاء المفردات وصياغة التراكيب ومعالجة الصور والأساليب. تعددت الدراسات الأدبية والنقدية حول شعر الفرزدق بقدر ما شغل به علماء اللغة والشعراء القدامى ممن وقفوا إزاءه بين مُعْجَب ومتردد، طبقا لمستوى الأداء في شعره بين المحتوى الجاهلى، أو إفادته مما استوعبه من المعجم الإسلامي. اعتمد في فخره على ماضى الآباء والأجداد لتأكيد ذاته استعلاء على خصومه من شعراء النقائض الكبار، على ما عرف عنه من حسن العلاقة – مثلا - بشاعر مثل جرير على مدى رحلتهما معاً إلى البصرة أو الكوفة ليتهاجيا، مما أدى إلى تصريح أبى الفرج بغرابة موقف هَذيْن الكلبَيْن المتعاقرين من بنى تميم - على حد تعبيره - . تجلت العصبية القبلية في نقائضه، ومال إلى مهاجاة جرير بوضاعة نسبه، حتى بالتعريض بأخته "جعثن" مما أوجد ردود فعل عنيفة في تعيير جرير بزوجته "النوار" التى كان الفرزدق قد طلقها، ثم ندم على طلاقها منه حتى تحولت إلى نقطة ضعف تواجهه في عالم الهجاء، وهو ما حاول تعويضه بالتصدى لجرير دفاعاً عن نساء قومه حتى بعد محاولته الخلاص من عالم الهجاء والانصراف إلى حفظ القرآن، وتطهير نفسه حتى جاءته نسوة من بنى مجاشع يشكين من هتك جرير لعوراتهن، والتعرض لحرمانهن، فاستجاب لهن الفرزدق، وعاد إلى الهجاء دفاعا عن قومه وشرفه. في السبعين في عمره نظم بعضا من شعره في التوبة، وفي هجاء إبليس، ومع الميل إلي الزهد ومجالسة الصالحين؛ على غرار مارواه أبو الفرج نقلا عن حبيب ابن أبى محمد أنه قال " رأيت الفرزدق بالشام، فقال : قال لي أبو هريرة: إنه سيأتيك قوم يؤنسوك من رحمة الله فلا تيأس" مما يكشف عن أثر مخالطته لنفر من السلف الصالح. عُرف في باب النقائض بهجائه للأخطل من ناحية، وجرير والراعى النميرى من ناحية أخرى حتى تحولت المعركة إلى ما يشبه المناظرات التى استقطبت الجمهور، وتركت رصيدا رديئا في منظومة الأخلاق العربية في مقابل إظهار القدرات اللغوية والتصويرية، والاشتداد في الخصومة لدى شعراء الهجاء الكبار. خلفت معركة النقائض ديوانَيْن كبيرَين: نقائض جرير والفرزدق، والذي قام على جمعه وشرحه أبو عبيدة على ضخامة الديوان وغزارة مادته ودقة جامعه في جمع المادة ربما لأسباب تتعلق بشعوبيته وزندقته، وكان الديوان الآخر لشعر الأخطل وجرير حيث جمعه أبو تمام الشاعر الطائي في العصر العباسي في القرن الثالث الهجرى.
[/size] | |
|
محمد محمود
عدد المساهمات : 15 تاريخ التسجيل : 03/07/2008
| موضوع: رد: الفرزدق همام بن غالب الخميس ديسمبر 25, 2008 12:29 pm | |
| مشكور يا دكتور الموضوع رائع جدا | |
|