د.أحمد جاد مدير المنتدى
عدد المساهمات : 151 تاريخ التسجيل : 25/06/2008 العمر : 63
| موضوع: موقف الإسلام من المرأة الأحد يونيو 29, 2008 6:57 am | |
| موقف الإسلام من المرأة
يتهم غير المسلمين الإسلام بعدة اتهامات، ويدعون عليه بما ليس فيه، من هذه الاتهامات قولهم: إن موقف الإسلام من المرأة رجعي، متخلف ، لا يتوافق مع التمدن والحضارة، ويشيرون إلي أمور منها: تعدد الزوجات ، تبعية المرأة الدائمة للرجل ، بقاء المرأة في البيت، الحجاب، الطلاق في يد الرجل ، الضرب والهجر في المضاجع، قوامة الرجل علي النساء ، إعطاء المرأة نصف نصيب الرجل في الميراث، زواج المسلم بغير المسلم وعدم زواج المسلمة بغير المسلم، وسواها من الادعاءات الباطلة ، وللرد علي هذه الادعاءات يجب أن نبين أولا موقف الإسلام المبدئي من المرأة فنقول:
جاء الإسلام وأوضاع المرأة سيئة للغاية، فلم يكن لها حقوق تحترم أو رأي يسمع ، فانتشلها الإسلام من تلك الأوضاع السيئة، وأعلي مكانتها، ورفع عنها الكثير من الظلم الذي تتعرض له، وجعلها تشعر بكيانها كإنسان مثل الرجل سواء بسواء، وضمن لها حقوقها المشروعة ، وأسقط عنها تهمة إغواء آدم - عليه السلام- من الجنة بوصفها أصل الشر في العالم، وقرر أن الناس جميعا - رجالا ونساء قد خلقوا من نفس واحدة ، وأعطى لها الكرامة مثل الرجل تماما وذلك في قوله تعالي: " (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم)(الإسراء: من الآية70) ودعا الإسلام المرأة إلي التعليم بل وفرضه عليها بقول الرسول - صلي الله عليه وسلم- :" طلب العلم فريضة علي كل مسلم ومسلمة") وقد كفل لها حق العمل ولا يوجد نص واحد في القرآن الكريم أو في السنة يحرمها منه، وقد بين الرسول - صلي الله عليه وسلم- هذا الموقف وأيده بقوله: "( النساء شقائق الرجال ، لهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، والوصف بكلمة "شقائق" يوضح لنا المساواة والندية.
وإذا كان موقف الإسلام من المرأة كذلك فهل يستطيع إنسان منصف أن يتهم الإسلام باضطهاد المرأة وهضم حقوقها؟ إن الأمر يشتمل علي خلط ظالم بين الإسلام كدين له تعاليمه السمحة من ناحية وبين سلوك سيئ لبعض المسلمين إزاء المرأة من ناحية أخرى. الحكم الموضوعي علي الإسلام ومواقفه ينبغي أن يفرق بين الأمرين ، والوضع المتدني للمرأة في بعض المجتمعات الإسلامية لا يرجع إلي تعاليم الإسلام ؛ وإنما يرجع إلي تجاهلها أو الجهل بها. وبعد بيان موقف الإسلام المبدئي من المرأة، فإننا نبدأ في دحض تلك الإفتراءات ونرد علي الادعاءات ونبدأ بقضية " تعدد الزوجات" فنقول وبالله التوفيق:
إن الأصل في الإسلام أنه لا يدعو إلي التعدد ولم يرد في القرآن الكريم إلا نص واحد يبيح تعدد الزوجات ، وهذا النص متعلق باليتيمات اللاتي تربين في كفالة الرجل، فيحذره الإسلام من ظلمهن إذا تزوج منهن، والأفضل له حينئذ أن يتزوج من غيرهن من يشاء حتى أربع، لكن بشرط أ، يحقق بينهن العدالة ، فإن لم يستطع فعليه الاكتفاء بواحدة، يقول الله تعالي:" (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً )(النساء: من الآية3). وقد نبه الحق سبحانه وتعالى في آية أخري إلي أن توافر العدالة التي هي شرط في التعدد من الأمور التي يستحيل تحققها تقول الآية:" ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)(النساء: من الآية129). فالأصل إذا هو الزوج بواحدة والتعدد يعد استثناء أراد به الإسلام معالجة حالات خاصة تتطلبها ظروف معينة مثل: الحالات الإنسانية التي تتطلب قدرا من الوفاء للزوجة فلا يطلقها الرجل مثلا إذا كانت عقيما أو مريضة مرضا مزمنا فيبقيها الرجل في عصمته ورعايته - طالما رغبت في ذلك - ثم يتزوج بأخرى. ويحدث هذا أيضا في حالة فقدان أعداد كبيرة من الرجال في الحروب أو ارتفاع نسبة العنوسة في بعض المجتمعات. ويبقي أن المهم هو عدم ظلم المرأة أو المساس بحقوقها،
ومن أهم هذه الحقوق أن المرأة المسلمة إذا أراد زوجها أن يتزوج غيرها فلها أن تطلب الطلاق. وأخيرا أقول: إن رفض الغرب لتعدد الزوجات لم يمنع الرجل فيي الغرب من اتخاذ عشيقة وأحيانا عشيقات إلي جانب زوجته يمارس معها العلاقة الجنسية خارج إطار الزواج الشرعي. وهذا يعد زنا محرما في كل الأديان، وخير للمرأة أن تكون زوجة ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة من أن تكون عشيقة زانية.
أما تبعية المرأة الدائمة للرجل : فنقول فيها: إن الإسلام قد أعطى للمرأة الاستقلال التام عن الرجل في الناحية الاقتصادية فلها مطلق الحرية في التصرف فيما تملك بالبيع والشراء والهبة والاستثمار…الخ، دون إذن من الرجل مادامت لها أهلية التصرف وليس لزوجها ولا لغيره من أقاربها من الرجال أ، يأخذ من مالها شيئا إلا بإذنها، كما أنه لا يجوز للرجل – ولو كان الأب – أن يجبر المرأة علي الزواج من رجل لا توافق عليه؛ إذ الزواج لا يكون إلا بموافقتها وليس للأباء سلطة إكراه بناتهن علي الزواج. وكذلك المرأة شريكة للرجل في الأسرة وفي تربية الأطفال ولا يعقل أن تستقيم حياة أسرة دون مشاركة إيجابية من الطرفين وقد حملها الرسول ­– صلي الله عليه وسلم – تلك المسئولية في حديثه: ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)، وإسناد المسئولية للمرأة ينفي تماما تهمة تبعية المرأة الدائمة للرجل، فليست هناك مسئولية دون حرية والحرية لا تتفق مع التبعية. وكذلك لا يستطيع الرجل أن يمنع المرأة من حقوقها المشروعة في الحياة. ومما يدل علي عدم التبعية أيضا أن المرأة المسلمة إذا تزوجت تظل محتفظة باسمها بعد الزواج ولا تأخذ اسم زوجها كما يحدث في الغرب. ونقول في النهاية أنه إذا كان بعض المسلمين لا يلتزم بهذه المواقف الإسلامية نحو المرأة ، فإن ذلك يعد جهلا بالإسلام وأحكامه أو سوء منهم لتعاليمه.
وبقاء المرأة في البيت أمر خاص بزوجات الرسول _ صلي الله عليه وسلم- باعتبارهن مثلا عليا ولا يمنع الإسلام خروج المرأة وعملها لمعاونة الزوج في كفاح شريف، وقد كانت في الإسلام فقيهات وشاعرات وكانت النساء تخرجن في الحروب ويخرجن للعلم، وقد خرجت نساء النبي – صلي الله عليه وسلم – معه في غزواته.
أما قضية الحجاب فنقول: إنه في صالح المرأة، وليس ضدها لأن الممنوع مرغوب، وستر مواطن الفتنة يزيد المرأة جاذبية وخير للمرأة أن تكون مرغوبة بدلا من أن تكون شيئا عاديا لا يثير. وكما أن الحجاب فضيلة في الإسلام فهو كذلك في المسيحية فإن الإنجيل يطلب من المرأة أن تغطي شعرها في الصلاة والراهبات المسيحيات يرتدين الحجاب وعندما يستقبل بابا الفاتيكان سيدة سواء أكانت زوجة لرئيس دولة أو امرأة مشهورة فإنها لابد أن تغطي شعرها. ويجب أن نوضح أنه لا يوجد نص في الإسلام يحدد ما هو الزي الإسلامي ( الحجاب)، وإنما الموجود فقط هو التوصية بعدم كشف جسد المرأة أمام الرجال الأجانب حتى لا يطمع فيها الشواذ، والمرضي، وبذلك يكون من الممكن أن تكون هنالك أشكال متعددة للحجاب الإسلامي. ثم إن الحجاب لا يمنع المرأة المسلمة من أن تكون متأنقة مادام ذلك في حدود الأدب، وألا تكون مثارا للفتنة.
قضية الطلاق وكونه من حق الرجل فنقول: إذا كان من حق الرجل طلاق زوجته، فإن لها الحق أيضا في الخلع، ويمكن لها أن تطلب الطلاق بالمحكمة وتحصل عليه إذا أبدت المبررات الكافية ثم إنه يمكن لها أن تشترط الاحتفاظ بعصمتها عند العقد وبذلك يكون لها الحق في الطلاق وفسخ عقد الزوجية مثل الرجل تماما.
أما الضرب والهجر في المضاجع: فيخص المرأة الناشز أما المرأة السوية فلها عند الرجل المودة والمحبة والرحمة، وقد أثبت علم النفس الحديث هذا المرض وقسمه قسمين: الأول هو ( المسلك الخضوعي) وهو الحالة المرضية التي تلتذ فيها المرأة بأن تضرب وتعذب وتكون من الطرف الخاضع والثاني هو ( المسلك التحكمي) الذي تلتذ فيه المرأة بأن تتحكم وتسيطر وتتجبر وتتسلط وتوقع الأذي بالغير ، ومثل هذه المرأة لا حل لها سوي انتزاع شوكتها وكسر سلاحها الذي تتحكم به. وسلاح المرأة أنوثتها وذلك بهجرها في المضاجع فلا يكون لها سلاح تتحكم به حينئذ أما المرأة الأخرى التي لا تجد لذتها إلا في الخضوع والضرب فإن الضرب لها علاج ومن هنا كانت كلمة القرآن : " ( وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ )(النساء: من الآية34) إعجازا علميا وتلخيصا لما جاء به العلم الحديث في مجلدات عن المرأة الناشز وعلاجها.
أما قوامة الرجال علي النساء: فهي حقيقة في كل مكان وفي كل زمان من بدء الخليقة إلي الآن وهي موجودة في البلاد الإسلامية وفي البلاد المسيحية وفي البلاد غير الدينية وهي ظاهرة عامة لا دخل للشريعة الإسلامية فيها. فالرجل قوام علي المرأة بحكم الطبيعة واللياقة والحكمة التي خصه بها الخالق سبحانه وتعالي، وإذا ظهرت وزيرة أو حاكمة فإنها تكون الاستثناء الذي يؤكد القاعدة ، والإسلام لم يفعل أكثر من أنه سجل هذه القاعدة. وهذا يفسر لنا بعد ذلك لماذا أعطى القرآن الكريم الرجل ضعف نصيب المرأة في الميراث؟ لأنه هو الذي ينفق، ولأنه هو الذي يعول، ولأنه هو الذي يعمل. فالقوامة التي خصها الله – سبحانه وتعالي- للرجل هي من العدل.ز
أما إعطاء الرجل ضعف نصيب المرأة في الميراث فنقول فيه:
هذه القضية يساء فهمها لأن نظام الميراث في الإسلام نظام متكامل ينبغي أن ينظر إليه من جميع جوانبه، فالحالات التي تأخذ فيها نصف ميراث الرجل أربعة حالات فقط بينما توجد عشرون حالة أخرى يكون وضع المرأة فيها كالتالي:
1- تساوي الرجل في بعضها
2- تأخذ أكثر من الرجل في بعضها الآخر
3- ترث هي أحيانا ولا يرث نظيرها من الرجال
ويرتبط نظام الميراث في الإسلام بنظام الأسرة ككل فالرجل هو المسئول الأول عن الإنفاق علي زوجته وأولاده وليس علي المرأة المتزوجة ذلك، وإذن فأعباء الرجل تزيد عن أعباء المرأة. وإذا وجدت حالات خاصة تحتاج فيها المرأة إلي نصيب مالي إضافي فإن ذلك يمكن أن يتم في حياة المورث عن طريق البيع أو الهبة.
وإحساسا بعدالة نظام الميراث الإسلامي يلجأ كثير من الأقباط في مصر إلي الاحتكام إليه عن طريق دار الإفتاء المصرية لحل المنازعات والقضاء علي أسباب الخلاف بين الورثة.
أما زواج المسلم بغير المسلم وعدم زواج المسلمة لغير المسلم فنقول:
إن الإسلام دين يحترم كل الأديان السماوية السابقة ويجعل الإيمان بالأنبياء السابقين جزءا لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية، وفي حالة زواج المسلم من يهودية أو مسيحية فإنه مأمور باحترام عقيدتها، بل أنه لا يجوز له أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها وذهابها إلي المعبد أو الكنيسة، وفي هذا تقدير كامل من الإسلام لقيمة الأديان الأخرى.
أما إذا تزوج يهودي أو مسيحي من مسلمة فإن عنصر احترام عقيدة الزوجة يكون مفقود وبالتالي من الممكن جدا أ، يسئ إليها أو يمنعها من ممارسة شعائرها أو يفرض علي أبنائها منه ألا يعتنقوا دينها.
أما لماذا يجعل الإسلام شهادة امرأتين مساوية لشهادة رجل واحد؟ فنقول:
هذه حالة واحدة فقط من حالات الشهادة، لكن هناك حالات أخرى تتساوي فيها شهادة المرأة بالرجل بل إن شهادتها وحدها تكون كافية في المشكلات الخاصة بالنساء حيث لا تجوز شهادة الرجل. ولا يعني ذلك الحكم الخاص في حالة واحدة أن قيمة المرأة أقل من الرجل فالمقصود الأساسي هو التثبت فيي الشهادة بدليل أن بعض الجرائم يشترط فيها الإسلام شهادة أربعة من الرجال، وهذا بالطبع للتثبت وليس لتدني قيمة أي منهم. ثم إنه لايخفي علي الكثير ما أقره العلم من أن المرأة في أيام معينة من الشهر لا تكون في حالتها الطبيعية نفسيا أو ذهنيا.
ويدعون أيضا أن الإٍسلام لا يبيح للمرأة تولي مناصب عليا في الدولة وفي هذا نقول:
إن الإٍسلام لا يمنع المرأة من تولي مناصب هامة في الدولة ما دامت مؤهلة لذلك بل إنه أشار إلي ملكة سبأ التي كانت تتولي أعلي منصب في الدولة، وبالنسبة للحديث الذي روي عن الرسول – صلي الله عليه وسلم: " ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) فإن له مناسبة خاصة، فعندما بلغ الرسول – صلي الله عليه وسلم- أن الفرص ملكوا عليهم "بنت كسري" قال ذلك الحديث ويبدو بوضوح أنه قيل في إطار تقوية الروح المعنوية للمسلمين، وكان يقصد به أناسا بعينهم. ومن الثابت أن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه- أعطي ولاية الحسبة ( وهي الإشراف علي السوق التجاري في المدينة) للشفاء بنت عبد الملك المخزومية، وهذه الوظيفة من الوظائف الدينية والمدنية التي تتطلب الخبرة والصرامة، وإذا كانت بعض المجتمعات الإسلامية تعامل المرأة بصورة أخرى ، فإن هذا يرجع إلي الأعراف والتقاليد السائدة في تلك المجتمعات وليس إلي تعاليم الإسلام.
وبعد فهذه بعض الافتراءات التي سمعتها عن موقف الإسلام من المرأة وحاولت الرد عليها معتمدا علي العقل والثقافة أولا وعلي ما جاء في القرآن الكريم والسنة ثانيا، وأرجو أن أكون قد وفقت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ( وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)(يونس: من الآية10)
دكتور / أحمد أحمد جاد | |
|