تاريخ المسجد الحرام
هل أول من بنى الكعبة هوإبراهيم عليه السلام؟وردت نصوص تدل على وجود البيت قبل إبراهيم عليه السلاممنها على سبيل المثال:
1- ما أخرجه البخاري (6/396-فتح الباري) في حديث ابن عباس الطويل في إسكانإبراهيم ذريته، وفيه : ((فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنيةحيث لا يرونه استقبل بوجهه إلى البيت ثم دعا بهؤلاء الكلمات...))
وفيه أيضاًقوله: ((... فقال لها الملك، أي لهاجر: لا تخافوا الضيعة فإن ههنابيت الله يبني هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يضيع أهله.. قال ابن عباس: وكان البيتمرتفعاً من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله...))
2- مارواه الطبري في تفسيره (1/546) بإسناد صحيح عن ابن عباس قال: "القواعد التي كانتقواعد البيت قبل ذلك" وانظر فتح الباري (6/406).
من بنى الكعبة؟
قال الشيخ وصي الله عباس: "لا توجد في إثبات بناء الملائكة الكعبة الشريفة روايةمرفوعة ولا موقوفة صحيحة، وما وجد فهو من أقوال بعض التابعين، أو أتباع التابعينولو صح فلا يعدو أن يكون من أحاديث بني إسرائيل التي استجازوا تحديثها" "المسجدالحرام تاريخه وأحكامه" ص(190) اهـوقد سبقه إلى معنى هذا الكلام ابن جرير فيتفسيره (1/549)
عمارة البيت الحرام وبناء الكعبة
لم تكن مكة عامرة قبل إبراهيم عليه السلام لقوله تعالى: ربنا إني أسكنت من ذريتيبواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم. ولم يكن بها ماء كذلك لحديثابن عباس السابق عند البخاري (6/396-فتح الباري) في قوله: "... وليس يومئذ أحد وليسبها ماء". روى البخاري (6/396-فتح الباري) قصة بنائها من حديث ابن عباس السابقالذكر، وفيه: "ثم قال أي إبراهيم: يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر، قال: فاصنع ماأمرك ربك، قال: وتعينني؟، قال: وأعينك، قال: فإن الله أمرني أن أبني ههنا بيتاً،وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها، قال: فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعلإسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر يعني: المقام، فوضعه له، فقام عليه وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان: ربناتقبل منا إنك أنت السميع العليمفجعلا يبنيان حتى يدورا حولالبيت وهما يقولان ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم.
وبقيت مكة عامرة من عهد إبراهيم عليه السلام، وتوالت القبائل العربية علىسكناها.
أحداث مرت على الكعبة
ومن أهم الأحداث الخاصة بالكعبة قصة أبرهة الحبشي الذي أراد هدم الكعبة فجعلالله كيده وأصحابه في تضليل وعاقبهم أشد العقاب في الدنيا، وذلك في السنة التي ولدفيها النبيوعرفت بعامالفيل، لأن أبرهة قدم بفيلته لهدم الكعبة.
ومن الأحداث أن قريشاً أعادت بناء الكعبة قبل بعثة النبي، وأخرجت الحِجر من البيت لما قصرت بهمالنفقة.
لم يكن على عهد النبيحول البيت حائط، كانوا يصلون حول البيت حتى كان عمر فبنى حوله حائطاً جدره قصيرفبناه عبد الله بن الزبير (انظر فتح الباري 7/148).
وكان عمر رضي الله عنه قد اشترى دوراً وهدمها وهدم على من قرب المسجد، لما ضاقالمسجد على الناس.
وكذلك فعل عثمان رضي الله عنه لما ضاق المسجد بالناس (انظر أخبار مكة للأزرقي 2/68 وفتح الباري 7/146).
ولما تولى عبد الله بن الزبير رضي الله عنه مكة هدم الكعبة وبناها على قواعدإبراهيم عليه السلام، وأدخل الحجر فيها.
ولما قُتل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه أعاد الحجاج بناء الكعبة كما كان،بأمر من عبد الملك بن مروان سنة 74 هـ ولعل عبد الملك لم يكن على علم بتمني النبيبناء الكعبة على قواعدإبراهيم. وانظر لذلك صحيح مسلم (2/972).
ثم بقيت الكعبة على هذا البناء لم يغيره أحد من الخلفاء أو الملوك إلا ما كانمن بعض الترميمات والإصلاحات انظر فتح الباري (3/448)
وفي سنة 1039 سقط الجدار الشامي للكعبة على إثر سيل عظيم فأعاد بناءه وترميمهالسلطان العثماني مراد خان سنة 1040 هـ.
وأهم الأبنية التي أحدثت بعد بناء عبد الملك بن مروان ما يلي :
بناء الوليد بن عبد الملك سنة 91 هـ
بناء أبي جعفر المنصور من سنة (137 هـ إلى 140 هـ)
بناء وتوسعة المهدي سنة 160 هـ
الزيادة الثانية للمهدي سنة 167 هـ
عمارة أمير المؤمنين موسى الهادي سنة 170 هـ
عمارة المعتمد على الله أحمد بن جعفر المتوكل سنة 271 هـ
زيادة دار الندوة في المسجد الحرام في عهد المعتضد بالله ما بين 281 هـ و284 هـ
زيادة باب إبراهيم في خلافة جعفر المقتدر بالله سنة 306 هـ
عمارة الأمير بيسق الظاهري سنة (803 هـ - 807 هـ)
عمارة السلطان العثماني قايتباي سنة 882 هـ
عمارة السلطان سليمان سنة 972 هـ
عمارة السلطان سليم سنة 979 هـ
عمارة السلطان مراد خان سنة 980 هـ
العمارة السعودية على يد الملك عبد العزيز آل سعود وكانت على مراحل.
عمارة وتوسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزبز آل سعود وهيآخرها.
الحجر الأسود
تعريفه :
هو الحجر المنصوب في الركن الجنوبي الشرقي للكعبة المشرفة من الخارج في غطاء منالفضة وهو مبدأ الطواف ويرتفع عن الأرض الآن متراً ونصف المتر.
الحجر الأسود من الجنة :
روى الطبري في تفسيره (1/551) والأزرقي في أخبار مكة (1/62) بإسناد حسن أثراًطويلاً عن علي وفيه: "فقال أي إسماعيل: يا أبت من أتاك بهذا الحجر؟ قال أتاني به منلم يتّكل على بنائك، جاء به جبريل من السماء، فأتماه" وله حكم الرفع.
وروى الترمذي (3/226) وأحمد (1/207-229-373) وابن خزيمة (4/220) عن النبيقال: إن الركن والمقامياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله عز وجل نورهما، ولولا أن الله طمس نورهما لأضاءتاما بين المشرق والمغرب.
وروى أحمد (1/226) وابن خزيمة (4/221) والحاكم (1/457) عن ابن عباس عن النبيقال: إن لهذا الحجرلساناً وشفتين يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق.
تقبيله ومسحه :
ومسح الحجر الأسود والركن اليماني يحط الخطايا حطاً، انظر سنن الترمذي (3/292).
الركن اليماني
هو ركن الكعبة الجنوبي الغربي.
وذكر ياقوت الحموي في معجم البلدان (3/64) أن ابن قتيبة ذكر أن رجلاً من اليمنبناه، يقال له: أبيّ بن سالم، وأنشد لبعض أهل اليمن: لنا الركن من البيت الحراموراثة بقية ما أبقى أبيّ بن سالم
كان النبييستلمه فيطوافه ويمسحه بيده الشريفة من غير تقبيل له ولا ليده بعد استلامه.
الحِجر
هو الحائط الواقع شمال الكعبة المشرفة على شكل نصف دائرة،أو هو: ما حواهالحائط المذكور. والأخير هو المراد عند إطلاقه.
سمّي الحجر حجراً لأن قريشاً في بنائها تركت من أساس إبراهيم عليه السلام،وحجرت على الموضع ليعلم أنه من الكعبة انظر "معجم البلدان" لياقوت الحموي (2/221).
وقد سبق أن قريشاً في إعادتها لبناء الكعبة قصرت بهم النفقة فأخرجوا موضع الحجرمن الكعبة، وعليه فإن الحجر من الكعبة، لكن ليس كل الحجر من الكعبة كما دلت عليهالروايات.
قال ابن الصلاح: قد اضطربت فيه الروايات، ففي رواية الصحيحين: [ الحجر منالبيت] وروي: ستة أذرع أو نحوها، وروي: خمسة أذرع، وروي: قريباً من سبع. قال: وإذااضطربت الروايات تعين الأخذ بأكثرها والموجود في عصرنا هذا أكثر من سبعة أذرعبكثير، فقد بلغ تسعة أذرع.
بما أن الحجر من البيت فإن أجر الصلاة فيه كأجر الصلاة في البيت.
روى عبد الرزاق في المصنف (5/130) والأزرقي في "أخبار مكة" (1/312) بإسناد صحيحعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما أبالي أفي الحجر صليت أم في جوف الكعبة".
لم يثبت عن النبيأنإسماعيل عليه السلام مدفون بالحجر وقد أخطأ من جزم بذلك إذ لا دليل عليه. قال شيخالإسلام في "مجموع الفتاوى" (27/444): ليس في الدنيا قبر نبي يعرف إلا قبر نبينااهـ