ليس ذلك فحسب، بل كان أبو هريرة هو الدوسى الوحيد الذى استجاب لدعوة طفيل بن عمرو الدوسى الشاعر المشهور. وكان ذلك الشاعر قد أتى النبى وهو لا يزال بمكة فآمن به رغم كل ما صنعته قريش من أجل صده عن الدين الجديد وعن صاحبه وتنفيره منه، ثم عاد إلى بلاده فى اليمن وقد عقد العزم على دعوة قومه إلى الإسلام، فلم يسلم منهم إلا أبو هريرة, أفلا يكفى أبا هريرة شرفا أنه الوحيد الذى استجاب لنداء الحق من كل بنى قومه كما جاء فى "الإصابة" لابن حجر و"الطبقات" لابن سعد وغير ذلك، ثم لم يكتف بهذا بل ظل وراء أمه حتى أقنعها باعتناق الإسلام بعد طول شِمَاس منها وتأبٍّ وتطاول على رسول الله، ثم أقبل يعدو ليبشر رسول الله وهو يبكى من الفرح بأن الله استجاب دعاءه صلى الله عليه وسلم بهدايتها؟ كما كان رضى الله عنه لصيقا بنبى الله، الذى لم يبد عليه قط أية إشارة تدل على ضيقه به أو رغبته فى أن يبتعد عنه، بل كان على قلبه، كما تدل على ذلك الشواهد، أحلى من العسل. فهل هناك شرف أشرف من هذا الشرف؟ وإن كنيته لهى من أحلى الكُنَى وأجملها وأرقها وأخفها على اللسان والقلب والعقل جميعا. ولسوف يبقى اسم "أبى هريرة" مكتوبا على قرطاس التاريخ بحروف من نور وهاج فى الوقت الذى لا يبالى فيه أحد باسم الموسوى مهما تطاول على الصحابى الجليل من هنا ليوم الدين. يا رجل، ألا تستحى أن تتطاول على رجل أعزه الإسلام وقرّبه النبى الذى تؤمن به وعطف عليه، وقدَّر ما كان يسديه للدين من خدمات؟ أم هو مجرد تشدق بالإسلام، والسلام؟ ثم تعال بنا إلى أمير المؤمنين على بن أبى طالب، الذى تجعلونه هو الإسلام وتجعلون الإسلام هو إياه، وهو ما لا نوافقكم عليه رغم حبنا وإكبارنا وإجلالنا وإعجابنا العظيم به كرم الله وجهه، إذ الإسلام أكبر من علىّ ومن كل الصحابة ومن كل المسلمين أجمعين من هنا إلى يوم الدين! فهل نَدَّ عن لسان علىٍّ شىء ينال من أبى هريرة رضى الله عنه؟ هات كلمة واحدة حقيقية عن على يبدو منها أنه، كرم الله وجهه، كان ينظر إلى أبى هريرة بعين الاحتقار أو الريبة أو الضيق. يا أخى، ألم تسمع بقول نبينا الكريم: الحياء خير كله؟
وسوف أختم كلمتى هنا بهذين الحديثين اللذين رواهما الكلينى فى كتابه: "الكافى" كى أبين أن الموسوى، حتى بمقياس كتب الأحاديث الشيعية، قد تمرد على مبادئ الإسلام الكريمة التى لا تقوّم مقادير الناس بمقياس الحسب والنسب بل بمقياس الدين والخلق الرفيع: "مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) إِذِ اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ فَرَحَّبَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) وَ أَدْنَاهُ وَ سَاءَلَهُ فَقَالَ الرَّجُلُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي خَطَبْتُ إِلَى مَوْلاكَ فُلانِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ ابْنَتَهُ فُلانَةَ فَرَدَّنِي وَ رَغِبَ عَنِّي وَ ازْدَرَأَنِي لِدَمَامَتِي وَحَاجَتِي وَ غُرْبَتِي وَ قَدْ دَخَلَنِي مِنْ ذَلِكَ غَضَاضَةٌ هَجْمَةٌ غُضَّ لَهَا قَلْبِي تَمَنَّيْتُ عِنْدَهَا الْمَوْتَ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) اذْهَبْ فَأَنْتَ رَسُولِي إِلَيْهِ وَ قُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) زَوِّجْ مُنْجِحَ بْنَ رَبَاحٍ مَوْلايَ ابْنَتَكَ فُلانَةَ وَ لا تَرُدَّهُ قَالَ أَبُو حَمْزَةَ فَوَثَبَ الرَّجُلُ فَرِحاً مُسْرِعاً بِرِسَالَةِ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) فَلَمَّا أَنْ تَوَارَى الرَّجُلُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (عليه السلام) إِنَّ رَجُلا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ يُقَالُ لَهُ جُوَيْبِرٌ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) مُنْتَجِعاً لِلاسْلامِ فَأَسْلَمَ وَ حَسُنَ إِسْلامُهُ وَ كَانَ رَجُلا قَصِيراً دَمِيماً مُحْتَاجاً عَارِياً وَ كَانَ مِنْ قِبَاحِ السُّودَانِ فَضَمَّهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) لِحَالِ غُرْبَتِهِ وَ عَرَاهُ وَ كَانَ يُجْرِي عَلَيْهِ طَعَامَهُ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ بِالصَّاعِ الاوَّلِ وَ كَسَاهُ شَمْلَتَيْنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَلْزَمَ الْمَسْجِدَ وَ يَرْقُدَ فِيهِ بِاللَّيْلِ فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ حَتَّى كَثُرَ الْغُرَبَاءُ مِمَّنْ يَدْخُلُ فِي الاسْلامِ مِنْ أَهْلِ الْحَاجَةِ بِالْمَدِينَةِ وَ ضَاقَ بِهِمُ الْمَسْجِدُ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ إِلَى نَبِيِّهِ (صلى الله عليه وآله) أَنْ طَهِّرْ مَسْجِدَكَ وَ أَخْرِجْ مِنَ الْمَسْجِدِ مَنْ يَرْقُدُ فِيهِ بِاللَّيْلِ وَمُرْ بِسَدِّ أَبْوَابِ مَنْ كَانَ لَهُ فِي مَسْجِدِكَ بَابٌ إِلا بَابَ عَلِيٍّ (عليه السلام) وَ مَسْكَنَ فَاطِمَةَ (عليها السلام) وَ لا يَمُرَّنَّ فِيهِ جُنُبٌ وَ لا يَرْقُدْ فِيهِ غَرِيبٌ قَالَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بِسَدِّ أَبْوَابِهِمْ إِلا بَابَ عَلِيٍّ (عليه السلام) وَ أَقَرَّ مَسْكَنَ فَاطِمَةَ (عليها السلام) عَلَى حَالِهِ قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَمَرَ أَنْ يُتَّخَذَ لِلْمُسْلِمِينَ سَقِيفَةٌ فَعُمِلَتْ لَهُمْ وَ هِيَ الصُّفَّةُ ثُمَّ أَمَرَ الْغُرَبَاءَ وَالْمَسَاكِينَ أَنْ يَظَلُّوا فِيهَا نَهَارَهُمْ وَ لَيْلَهُمْ فَنَزَلُوهَا وَ اجْتَمَعُوا فِيهَا فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله ) يَتَعَاهَدُهُمْ بِالْبُرِّ وَ التَّمْرِ وَ الشَّعِيرِ وَ الزَّبِيبِ إِذَا كَانَ عِنْدَهُ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يَتَعَاهَدُونَهُمْ وَ يَرِقُّونَ عَلَيْهِمْ لِرِقَّةِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله ) وَ يَصْرِفُونَ صَدَقَاتِهِمْ إِلَيْهِمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) نَظَرَ إِلَى جُوَيْبِرٍ ذَاتَ يَوْمٍ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ لَهُ وَرِقَّةٍ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ يَا جُوَيْبِرُ لَوْ تَزَوَّجْتَ امْرَأَةً فَعَفَفْتَ بِهَا فَرْجَكَ وَ أَعَانَتْكَ عَلَى دُنْيَاكَ وَآخِرَتِكَ فَقَالَ لَهُ جُوَيْبِرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي مَنْ يَرْغَبُ فِيَّ فَوَ اللَّهِ مَا مِنْ حَسَبٍ وَ لا نَسَبٍ وَلا مَالٍ وَ لا جَمَالٍ فَأَيَّةُ امْرَأَةٍ تَرْغَبُ فِيَّ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَا جُوَيْبِرُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ بِالاسْلامِ مَنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ شَرِيفاً وَ شَرَّفَ بِالاسْلامِ مَنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَضِيعاً وَ أَعَزَّ بِالاسْلامِ مَنْ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ذَلِيلا وَ أَذْهَبَ بِالاسْلامِ مَا كَانَ مِنْ نَخْوَةِ الْجَاهِلِيَّةِ وَ تَفَاخُرِهَا بِعَشَائِرِهَا وَ بَاسِقِ أَنْسَابِهَا فَالنَّاسُ الْيَوْمَ كُلُّهُمْ أَبْيَضُهُمْ وَ أَسْوَدُهُمْ وَ قُرَشِيُّهُمْ وَ عَرَبِيُّهُمْ وَ عَجَمِيُّهُمْ مِنْ آدَمَ وَ إِنَّ آدَمَ خَلَقَهُ اللَّهُ مِنْ طِينٍ وَ إِنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَطْوَعُهُمْ لَهُ وَ أَتْقَاهُمْ وَ مَا أَعْلَمُ يَا جُوَيْبِرُ لاحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْكَ الْيَوْمَ فَضْلا إِلا لِمَنْ كَانَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْكَ وَ أَطْوَعَ ثُمَّ قَالَ لَهُ انْطَلِقْ يَا جُوَيْبِرُ إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ فَإِنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ بَنِي بَيَاضَةَ حَسَباً فِيهِمْ فَقُلْ لَهُ إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ وَ هُوَ يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ قَالَ فَانْطَلَقَ جُوَيْبِرٌ بِرِسَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إِلَى زِيَادِ بْنِ لَبِيدٍ وَ هُوَ فِي مَنْزِلِهِ وَ جَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِهِ عِنْدَهُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُعْلِمَ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ وَ سَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ يَا زِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ فِي حَاجَةٍ لِي فَأَبُوحُ بِهَا أَمْ أُسِرُّهَا إِلَيْكَ فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ بَلْ بُحْ بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ شَرَفٌ لِي وَ فَخْرٌ فَقَالَ لَهُ جُوَيْبِرٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ أَرَسُولُ اللَّهِ أَرْسَلَكَ إِلَيَّ بِهَذَا فَقَالَ لَهُ نَعَمْ مَا كُنْتُ لاكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ إِنَّا لا نُزَوِّجُ فَتَيَاتِنَا إِلا أَكْفَاءَنَا مِنَ الانْصَارِ فَانْصَرِفْ يَا جُوَيْبِرُ حَتَّى أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَأُخْبِرَهُ بِعُذْرِي فَانْصَرَفَ جُوَيْبِرٌ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللَّهِ مَا بِهَذَا نَزَلَ الْقُرْآنُ وَ لا بِهَذَا ظَهَرَتْ نُبُوَّةُ مُحَمَّدٍ (صلى الله عليه وآله) فَسَمِعَتْ مَقَالَتَهُ الذَّلْفَاءُ بِنْتُ زِيَادٍ وَهِيَ فِي خِدْرِهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَبِيهَا ادْخُلْ إِلَيَّ فَدَخَلَ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ مَا هَذَا الْكَلامُ الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْكَ تُحَاوِرُ بِهِ جُوَيْبِراً فَقَالَ لَهَا ذَكَرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَرْسَلَهُ وَقَالَ يَقُولُ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ فَقَالَتْ لَهُ وَ اللَّهِ مَا كَانَ جُوَيْبِرٌ لِيَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) بِحَضْرَتِهِ فَابْعَثِ الانَ رَسُولا يَرُدُّ عَلَيْكَ جُوَيْبِراً فَبَعَثَ زِيَادٌ رَسُولا فَلَحِقَ جُوَيْبِراً فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ يَا جُوَيْبِرُ مَرْحَباً بِكَ اطْمَئِنَّ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ ثُمَّ انْطَلَقَ زِيَادٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي إِنَّ جُوَيْبِراً أَتَانِي بِرِسَالَتِكَ وَ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ لَكَ زَوِّجْ جُوَيْبِراً ابْنَتَكَ الذَّلْفَاءَ فَلَمْ أَلِنْ لَهُ بِالْقَوْلِ وَ رَأَيْتُ لِقَاءَكَ وَ نَحْنُ لا نَتَزَوَّجُ إِلا أَكْفَاءَنَا مِنَ الانْصَارِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَا زِيَادُ جُوَيْبِرٌ مُؤْمِنٌ وَ الْمُؤْمِنُ كُفْوٌ لِلْمُؤْمِنَةِ وَ الْمُسْلِمُ كُفْوٌ لِلْمُسْلِمَةِ فَزَوِّجْهُ يَا زِيَادُ وَ لا تَرْغَبْ عَنْهُ قَالَ فَرَجَعَ زِيَادٌ إِلَى مَنْزِلِهِ وَدَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ فَقَالَ لَهَا مَا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَتْ لَهُ إِنَّكَ إِنْ عَصَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) كَفَرْتَ فَزَوِّجْ جُوَيْبِراً فَخَرَجَ زِيَادٌ فَأَخَذَ بِيَدِ جُوَيْبِرٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى قَوْمِهِ فَزَوَّجَهُ عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ (صلى الله عليه وآله) وَضَمِنَ صَدَاقَهُ قَالَ فَجَهَّزَهَا زِيَادٌ وَ هَيَّئُوهَا ثُمَّ أَرْسَلُوا إِلَى جُوَيْبِرٍ فَقَالُوا لَهُ أَ لَكَ مَنْزِلٌ فَنَسُوقَهَا إِلَيْكَ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا لِي مِنْ مَنْزِلٍ قَالَ فَهَيَّئُوهَا وَهَيَّئُوا لَهَا مَنْزِلا وَهَيَّئُوا فِيهِ فِرَاشاً وَ َتَاعاً وَكَسَوْا جُوَيْبِراً ثَوْبَيْنِ وَأُدْخِلَتِ الذَّلْفَاءُ فِي بَيْتِهَا وَأُدْخِلَ جُوَيْبِرٌ عَلَيْهَا مُعَتِّماً فَلَمَّا رَآهَا نَظَرَ إِلَى بَيْتٍ وَمَتَاعٍ وَرِيحٍ طَيِّبَةٍ قَامَ إِلَى زَاوِيَةِ الْبَيْتِ فَلَمْ يَزَلْ تَالِياً لِلْقُرْآنِ رَاكِعاً وَسَاجِداً حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَلَمَّا سَمِعَ النِّدَاءَ خَرَجَ وَخَرَجَتْ زَوْجَتُهُ إِلَى الصَّلاةِ فَتَوَضَّأَتْ وَصَلَّتِ الصُّبْحَ فَسُئِلَتْ هَلْ مَسَّكِ فَقَالَتْ مَا زَالَ تَالِياً لِلْقُرْآنِ وَرَاكِعاً وَسَاجِداً حَتَّى سَمِعَ النِّدَاءَ فَخَرَجَ فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ وَأَخْفَوْا ذَلِكَ مِنْ زِيَادٍ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ أَبُوهَا فَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمَرْتَنِي بِتَزْوِيجِ جُوَيْبِرٍ وَلا وَ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ مَنَاكِحِنَا وَلَكِنْ طَاعَتُكَ أَوْجَبَتْ عَلَيَّ تَزْوِيجَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ (صلى الله عليه وآله) فَمَا الَّذِي أَنْكَرْتُمْ مِنْهُ قَالَ إِنَّا هَيَّأْنَا لَهُ بَيْتاً وَمَتَاعاً وَأُدْخِلَتِ ابْنَتِيَ الْبَيْتَ وَأُدْخِلَ مَعَهَا مُعَتِّماً فَمَا كَلَّمَهَا وَلا نَظَرَ إِلَيْهَا وَلا دَنَا مِنْهَا بَلْ قَامَ إِلَى زَاوِيَةِ الْبَيْتِ فَلَمْ يَزَلْ تَالِياً لِلْقُرْآنِ رَاكِعاً وَسَاجِداً حَتَّى سَمِعَ النِّدَاءَ فَخَرَجَ ثُمَّ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ وَمِثْلَ ذَلِكَ فِي الثَّالِثَةِ وَلَمْ يَدْنُ مِنْهَا وَلَمْ يُكَلِّمْهَا إِلَى أَنْ جِئْتُكَ وَمَا نَرَاهُ يُرِيدُ النِّسَاءَ فَانْظُرْ فِي أَمْرِنَا فَانْصَرَفَ زِيَادٌ وَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إِلَى جُوَيْبِرٍ فَقَالَ لَهُ أَمَا تَقْرَبُ النِّسَاءَ فَقَالَ لَهُ جُوَيْبِرٌ أَوَ مَا أَنَا بِفَحْلٍ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَشَبِقٌ نَهِمٌ إِلَى النِّسَاءِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) قَدْ خُبِّرْتُ بِخِلافِ مَا وَصَفْتَ بِهِ نَفْسَكَ قَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّهُمْ هَيَّئُوا لَكَ بَيْتاً وَفِرَاشاً وَ مَتَاعاً وَ أُدْخِلَتْ عَلَيْكَ فَتَاةٌ حَسْنَاءُ عَطِرَةٌ وَ أَتَيْتَ مُعَتِّماً فَلَمْ تَنْظُرْ إِلَيْهَا وَلَمْ تُكَلِّمْهَا وَ لَمْ تَدْنُ مِنْهَا فَمَا دَهَاكَ إِذَنْ فَقَالَ لَهُ جُوَيْبِرٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ دَخَلْتُ بَيْتاً وَاسِعاً وَرَأَيْتُ فِرَاشاً وَمَتَاعاً وَفَتَاةً حَسْنَاءَ عَطِرَةً وَذَكَرْتُ حَالِيَ الَّتِي كُنْتُ عَلَيْهَا وَغُرْبَتِي وَحَاجَتِي وَوَضِيعَتِي وَكِسْوَتِي مَعَ الْغُرَبَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَأَحْبَبْتُ إِذْ أَوْلانِي اللَّهُ ذَلِكَ أَنْ أَشْكُرَهُ عَلَى مَا أَعْطَانِي وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِحَقِيقَةِ الشُّكْرِ فَنَهَضْتُ إِلَى جَانِبِ الْبَيْتِ فَلَمْ أَزَلْ فِي صَلاتِي تَالِياً لِلْقُرْآنِ رَاكِعاً وَسَاجِداً أَشْكُرُ اللَّهَ حَتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ فَخَرَجْتُ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ رَأَيْتُ أَنْ أَصُومَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا وَرَأَيْتُ ذَلِكَ فِي جَنْبِ مَا أَعْطَانِي اللَّهُ يَسِيراً وَلَكِنِّي سَأُرْضِيهَا وَأُرْضِيهِمُ اللَّيْلَةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) إِلَى زِيَادٍ فَأَتَاهُ فَأَعْلَمَهُ مَا قَالَ جُوَيْبِرٌ فَطَابَتْ أَنْفُسُهُمْ قَالَ وَ وَفَى لَهَا جُوَيْبِرٌ بِمَا قَالَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) خَرَجَ فِي غَزْوَةٍ لَهُ وَمَعَهُ جُوَيْبِرٌ فَاسْتُشْهِدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَمَا كَانَ فِي الانْصَارِ أَيِّمٌ أَنْفَقُ مِنْهَا بَعْدَ جُوَيْبِرٍ"، "عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) زَوَّجَ الْمِقْدَادَ بْنَ أَسْوَدَ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا زَوَّجَهَا الْمِقْدَادَ لِتَتَّضِعَ الْمَنَاكِحُ وَلِيَتَأَسَّوْا بِرَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) وَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وَ كَانَ الزُّبَيْرُ أَخَا عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي طَالِبٍ لأَبِيهِمَا وَ أُمِّهِمَا".