د.أحمد جاد مدير المنتدى
عدد المساهمات : 151 تاريخ التسجيل : 25/06/2008 العمر : 63
| موضوع: من محاور القرآن 5ــ5 الأربعاء يوليو 02, 2008 6:21 am | |
|
5- ميدان التربية والتشريع
تحدث علماء النفس عن التربية فذكروا مظاهر الشعور الثلاثة : الإدراك ، والوجدان ، والسلوك ، وبينوا ما بينها من ترابط ، وقالوا : إن هناك الإدراك العلمي ، تليه الصبغة الوجدانية ، ويتبعهما السلوك ، وبينوا أن استنارة العقل البشري تترك أثرا في الفؤاد ، ثم يتبعهما العمل كنتيجة حتمية ؛ والتربية الصحيحة تقوم على إدراك تام لغايات الوجود ، ثم على وعي مفصل بمعالم الكمال ، وأساس الكمال عقيدة صحيحة ، والاعتقاد السامي يدفع إلى التسامي ، ويتطلع إلى الطهر ، وقد أسهب القرآن الكريم في شرح هذا ، واعتمد في منهاجه التربوي على الصدق العقلي ، وابتعد عن الخرافة ، وجعل البرهان مسار العقل ، والنور مسار السلوك يقول الله – سبحانه وتعالى – ( يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ) النساء آية 174 وعندما نتدبر حكمة الله من خلق الإنسان – كما وصفها القرآن – نعلم أنه خلقه ليكون خليفة له في أرضه ، يطيعه فيها ولا يعصاه يقول –سبحانه وتعالى – ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون . إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) الذاريات آية56 : 58 وهناك حكمة ثالثة – بجانب الاستخلاف والطاعة – تظهر من قوله تعالى ( هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب ) هود آية 61 ، لذلك الذين يعرفون الحكمة من خلقهم يخضعون لربهم ــ خالقهم ورازقهم ــ ويستجيبون لأوامره ، ويبتعدون عن نواهيه ، وعلى هذا الأساس نعرف أن من معاني التربية في القرآن الكريم عبارة : ( الله يحب والله لا يحب ) فالمؤمن الصادق يسارع إلى فعل ما يحبه الله – سبحانه وتعالى – وترك ما يكرهه ، وأول ما يطالعنا في المصحف الشريف من الأمور التي يحبها الله – سبحانه وتعالى- قوله ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) البقرة من الآية 195 ومعنى هذا أننا لكي نكون عبادا ربانيين يجب أن نحسن العمل ، وأن نبلغ به درجة الكمال ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ، فما بالنا نرى كثيرا من المسلمين أبعد أهل الأرض عن حقيقة الإحسان ، وكما يقول الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – بيوتهم رديئة ، وطرقهم رديئة ، وسيرهم رديء ، وإذا صنعوا سلعة خرجت من بين أيديهم دون غيرها مما يصنع الناس ، وإذا أداروا عملا استغرق الكثير من الوقت والجهد ، ولم يبلغوا به درجة الاكتمال التي يحققها من بذل جهدا أضعف ، ووقتا أقل – هؤلاء الناس في انتمائهم الديني شك كبير – وأرى أنه لن تقوم تربية سليمة للمجتمع المسلم إلا إذا غرسنا معنى الإحسان في النفوس ؛ ليبتعد الناس عن الفساد ، والإفساد ، والكسل ، والتواني ، واللامبالاة ، هذا وقد كثرت الآيات التي يتحدث فيها الله – سبحانه وتعالى- عما يحبه ، وعما يكرهه ، وما ذاك إلا لنسارع إلى ما يحبه – سبحانه – ونترك ما يكره ، ولهذا حديث آخر فهل نحن فاعلون ؟
د / أحمد أحمد جاد | |
|